حفل الميركاتو الشتوي المحلي بالعديد من الصفقات التي وصلت لنحو 95 صفقة ما بين محلية وأجنبية كبدت خزائن الأندية حوالى 300 مليون ريال. بيد أن الملاحظ على سلوك الأندية، خصوصاً الكبيرة والجماهيرية، عدم إرهاق ميزانياتها بالصفقات المليونية الكبيرة على المستوى المحلي باستثناء استقطاب النصر للنجم الشاب خالد الغنام (19 عاماً) من صفوف القادسية بصفقة وصلت ل20 مليون ريال. وحرصت الأندية على إبرام صفقات لن تكلفها أي مبالغ مالية سوى مقدمات عقود اللاعبين ورواتبهم، إذ سعت للتوقيع مع اللاعبين الذين دخلوا الفترة الحرة أي «الأشهر الستة» الأخيرة من عقد اللاعب الذي تتيح له التوقيع مع أي نادٍ دون الرجوع لناديه الأساسي. في الوقت الذي حاولت فيه بعض الأندية أن تشتري الأشهر الستة المتبقية من عقود اللاعبين للحاجة الفنية الملحة لمشاركتهم في البطولة الآسيوية أو تعويض النقص في الخانات، فإن أندية أخرى فضلت عدم إرهاق ميزانيتها بدفع أي مبالغ مالية إضافية، والانتظار لفصل الصيف للحصول على خدمات اللاعبين بشكل مجاني، مما يعطي مؤشرات على الحالة المادية للأندية التي تعتمد في إيرادتها على عقود الرعاية فقط بجانب الدعم الحكومي، في ظل عزوف أعضاء الشرف عن الدعم بشكل سخي كما كان سابقاً، باستثناء بعض الحالات الفردية التي ظهرت في نادي النصر متمثلة بعضو الشرف الذهبي عبدالعزيز بغلف الذي قدم دعماً يتجاوز 21 مليون ريال في أقل من نصف عام. أبرز اللاعبين وتعد الأندية الجماهيرية المنافسة الأكثر استقطاباً للاعبين الداخلين في الفترة الحرة في ظاهرة لافتة للنظر في هذا الميركاتو الحالي، مما يؤكد على حرصها الكبير في الإدارة المالية الجيدة لإيراداتها والصرف المقنن والحصول على خدمات لاعبين مميزين بأقل الأسعار بعيداً عن شراء لاعبين بمبالغ مالية باهظة. ويعد نادي الشباب أكثر الأندية توقيعاً مع لاعبين دخلوا فترة الأشهر الستة، فعلى المستوى الأجنبي وقع مع النجم الأرجنتيني إيفر بانيغا في الصفقة الأبرز هذا الشتاء، لكنه لن يلعب إلا في بداية الموسم القادم بعد نهاية عقده الحالي مع «إشبيلية». أما على المستوى المحلي فقد وقع مع 3 لاعبين دخلوا الفترة الحرة هم خالد الغامدي وحسين القحطاني من الفيصلي، والظهير الأيسر عبدالله الزوري من الوحدة. وفيما اشترى الأشهر الستة المتبقية من عقد الزوري لحاجته الفنية له، فضل التريث حتى الصيف وعدم دفع مبالغ إضافية في الغامدي والقحطاني اللذين سيرتديان شعار الليث مطلع الموسم القادم. واقتصرت صفقات متصدر الدوري الهلال على لاعبين دخلا الفترة الحرة هما لاعب التعاون مدالله العليان الذي اشترى عقده من ناديه التعاون، بجانب الحارس عبدالله الجدعاني الذي سيكمل عقده مع ناديه الوحدة قبل الالتحاق بالزعيم رسمياً الصيف القادم. أما الوصيف النصر فقد وقع مع لاعبين دخلا الفترة الحرة من أصل 4 صفقات أبرمها هذا الشتاء، هما الحارس الشاب أمين بخاري من الاتحاد، ولاعب خط وسط الشباب عبدالمجيد الصليهم، لكن نادييهما رفضا التفريط بهما على الرغم من احتياج العالمي لهما في البطولة الآسيوية، كما تم التعاقد مع لاعب الفيصلي عبدالعزيز الدوسري، والتعاقد مع لاعب المنتخب الأولمبي ونادي القادسية خالد الغنام. ويبدو حال قطبي الغربية الاتحاد والأهلي قريباً للهلال والنصر، إذ حصل العميد على توقيع لاعب التعاون الشاب عبدالمجيد السواط الذي رفض ناديه بيع الأشهر الستة، ووضع شروطاً صعبة، فيما سينتظر الأهلي لنهاية الموسم لالتحاق المدافع طلال عبسي قائد التعاون بعد أن وقع معه في الميركاتو الشتوي. بيد أن نادي التعاون وقع مع لاعبي أبها الشاب سميحان النابت واستقطبه بعد شراء الأشهر الستة من ناديه بجانب لاعب الوحدة الخبير فيصل درويش الذي التحق بالسكري لحاجة الفريق لهما في البطولة الآسيوية وهو يشارك للمرة الثانية بها. وعوض الوحدة رحيل الزوري ودرويش بالتوقيع مع ظهير ضمك حمد الجيزاني واشترى المتبقي من عقده ليدعم الفريق فيما تبقى من مباريات الدوري. ارتفاع الوعي ويعلق رئيس الجمعية السعودية البريطانية للتسويق والإدارة رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للتسويق الرياضي الدكتور طلال مغربي على هذه الظاهرة التي شهدها الميركاتو الشتوي هذا العام بالقول: «هذا التوجه يؤكد ارتفاع وعي إدارات الأندية في ظل محدودية مشاركة اللاعب السعودي بعد رفع عدد اللاعبين الأجانب». وشدد أن الأندية تنظر للمستقبل من خلال التوقيع مع لاعبين صغار في السن وبمبالغ مالية منخفضة من خلال البحث عن أي لاعب مميز متاح دخل في الفترة الحرة، مما يعطي مؤشراً لارتفاع وعي الأندية وإدارتها بعد توقيعهم للمسؤولية التضامنية أمام هيئة الرياضة. ولفت مغربي إلى أن بعض الأندية لا تحتاج اللاعبين في الوقت الحالي إما لخروجهم من المنافسة أو عدم وجود حاجة ملحة للخانة نفسها التي يشغلها اللاعب مما جعلهم يفضلون انتهاء عقودهم وقدوم اللاعبين في الصيف بشكل مجاني دون الدخول في مفاوضات مع أنديتهم لشراء المتبقي من عقودهم تماماً كما حدث مع نادي الشباب. ويصف مغربي رفض بعض الأندية بيع المبتقي من عقودها بالاحترافية أكثر منه عناداً، لأن اللاعب سيستمر ويعطي مع فريقه القديم حتى آخر يوم من عقده، وهو يؤكد في الوقت ذاته ارتفاع وعي اللاعبين بقيمة الاحتراف. وخلص مغربي إلى أن ما حدث هو نتاج تقدم الأندية في عملية الحوكمة، مما جعلها أكثر حرصاً على حسن إدارة مواردها المالية وعدم البذخ في الصفقات والدخول في مزايدات قد ترهق ميزانيات الأندية على لاعبين أغلبهم سيكونون بدلاء في ظل استمرارية العدد ذاته من اللاعبين الأجانب الموسم القادم.