موسى الموسوي هو أحد المثقفين الإيرانيين المعارضين لحكم الخميني، ممن لهم باع طويل فيما شهدته إيران قبل وبعد قيام الثورة الإسلامية فيها، وقد تقلد الكثير من المناصب العلمية بدأها بحصوله على شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة السوربون عام 1959، عمل بعدها أستاذاً في جامعة طهران، وأستاذاً للفلسفة الإسلامية في جامعة بغداد، وأستاذاً باحثاً في جامعة هارفارد بالولايات المتحدة، وله العديد من المؤلفات منها كتاب «الثورة البائسة». كان الموسوي أحد المعارضين البارزين لشاه إيران ولسياساته القمعية، وكان رفيق درب الخميني وبالذات خلال الفترة التي قضاها في منفاه الأخير في قرية «نوفل لاشاتو» الفرنسية، التي شهدت الخطط المفصلة للاستيلاء على الحكم عقب الإطاحة بالشاه، ويوضح الموسوي في كتابه «الثورة البائسة» الكواليس التي سبقت قيام الثورة في إيران في أواخر سبعينات القرن الماضي، ويحدد جزءاً من العوامل التي أدت لاندلاعها، فيقول إن الشعب الإيراني شعب مسلم متدين بطبعه تحركه العاطفة الدينية، وذلك في الوقت الذي كان فيه جهاز السافاك التابع للشاه يذيق الناس أشد صور العذاب والتنكيل، والتي لم يعايش الخميني الكثير منها بحكم نفيه إلى العراق، ثم نفيه إلى فرنسا، فكان في مأمن من ويلات التنكيل التي كانت تعاني منها أغلب طبقات الشعب الإيراني، وهو ما منح الدعوات الثورية الكثير من البريق الكاذب، وصورها على أنها حلم الخلاص المرتقب. لقد بدا الخميني للثوار وقتها شيخاً عجوزاً -على حد وصف الموسوي- تقياً بعيداً عن الطمع في مغريات السلطة ومنزهاً عن الاستئثار بمكاسب الثورة، لقد وقع الاختيار على الخميني كرمز للثورة كنتيجة لقسمه أنه سوف يعود لحوزته العلمية -في قم- بمجرد أن تنجح الثورة، لقد انخدعوا بورعه وآمنوا بزهده وتصوروا أنه سيفي بوعده وسيعتزل السياسة تماماً ليترك للشعب الإيراني حرية اختيار النظام السياسي الملائم له، لم يفكر أحد مطلقاً وقتها أن الخميني سيخون ثقة الشعب الذي ائتمنه، ولم يدر بخلدهم أن حدود خيانته ستفوق كل حدود التصور، ليفاجئ الجميع بأن قمعه تجاوز قمع الشاه، فبعد نجاح الثورة استأثر الخميني بجميع مفاتيح السلطة في يده، غير أنه لم يكتفِ بذلك فحسب، بل استخدم سلطته في التنكيل القاسي بكل المعارضين له وكل ذلك تحت ستار الدين. يستعيد الموسوي في كتابه ذكريات أول لقاء له بالخميني عقب وصول الأخير للسلطة، فيقول «كانت هذه أول مرة التقي بالخميني بعد أن استولى على سدة الحكم، شخصية تتناقض مع الخميني الذي عرفناه من قبل، لمست فيه نفساً شريرة وروحاً انتقامية وغروراً شيطانياً وابتسامة ساخرة بكل المثل والأخلاق، لم أرَ ذلك الشيخ الوقور الناسك الزاهد الذي طالما تحدث باسم الدين والأخلاق، بل شيخاً عجوزاً غلبه هواه وسخره شيطانه»، لقد اختط الخميني دستوراً جديداً للإيرانيين عماده حبهم له، وقد أعدم الخميني وزمرته رهطاً هائلاً من الأبرياء باسم الإسلام، وكان من ضمن الأسباب الرئيسية لهذا الظلم المجحف هو استيلاؤه على أموالهم، وقد كانت الحجج القضائية التي تم استخدامها في تلك القضايا ضعيفة وواهية، بل أوهى من بيت العنكبوت، وقد كان السن القانوني لإعدام معارضيه وقتئذٍ للفتيات 9 سنوات وللأولاد 15 سنة، لقد دمر الخميني المجتمع الإيراني في سبيل أنانيته المطلقة، وقد وصفه الموسوي بأنه الطاغوت الجبار الثائر المستبد العجوز الذي أثكل الأمهات ويتم الأولاد وقتل من أبناء الشعب الإيراني أضعاف ما قتله سلفه. يقول الموسوي: سألت ذات مرة ابن الخميني عن سبب عبوس أبيه الدائم؟ فأجابه بأن والده يؤمن بأن الحاكم إذا كان حلواً أكله الناس! ويرى الكاتب أن الخميني ابتدع ما يعرف باسم ولاية الفقيه، وعلى الرغم من انبهار الآخرين بهذا المصطلح البراق إلا أنها كانت بدعة ابتدعها الخميني وأضل بها المجتمع لغاية في نفسه، لقد أفقد الخميني الشعب الإيراني ثقته في نفسه، بل ثقته فيمن يدعو للإصلاح باسم الإسلام، لعل المجتمع العربي وكل من يؤمن بالخميني وزمرته يجدون في مثل هذه التصريحات من شخصيات مقربة من واحد من أهم أفاكي العصر الحديث، ما يجعلهم يبتعدون عن مناصرة هذا النظام الظالم الذي أهلك في أربعة عقود الحرث والنسل. * كاتب سعودي Prof_Mufti@ [email protected]