حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    وطن الأفراح    حائل.. سلة غذاء بالخيرات    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    الشيباني يحذر إيران من بث الفوضى في سورية    رغم الهدنة.. (إسرائيل) تقصف البقاع    الحمدان: «الأخضر دايماً راسه مرفوع»    تعزيز التعاون الأمني السعودي - القطري    المطيري رئيساً للاتحاد السعودي للتايكوندو    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    46.5% نموا بصادرات المعادن السعودية    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    مليشيات حزب الله تتحول إلى قمع الفنانين بعد إخفاقاتها    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    جدّة الظاهري    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    5 علامات خطيرة في الرأس والرقبة.. لا تتجاهلها    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    ارتفاع مخزونات المنتجات النفطية في ميناء الفجيرة مع تراجع الصادرات    وزير الطاقة يزور مصانع متخصصة في إنتاج مكونات الطاقة    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    أمير الشرقية يرعى الاحتفال بترميم 1000 منزل    الأزهار القابلة للأكل ضمن توجهات الطهو الحديثة    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    وهم الاستقرار الاقتصادي!    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    %91 غير مصابين بالقلق    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    البحرين يعبر العراق بثنائية ويتأهل لنصف نهائي خليجي 26    التشويش وطائر المشتبهان في تحطم طائرة أذربيجانية    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    حرس حدود عسير ينقذ طفلاً مصرياً من الغرق أثناء ممارسة السباحة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    ملك البحرين يستقبل الأمير تركي بن محمد بن فهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«إيران جيت»: تحرير القدس «أولوية مزعومة» .. ولكن بأسلحة إسرائيلية!!
نشر في المدينة يوم 15 - 01 - 2016

شخصية الخميني عُرفت بشدة الغموض والتعقيد.. وفرض السيطرة
«بني صدر».. من ابن معنوي للخميني إلى عميل أمريكي!!
و»قطب زادة».. من مسؤول إعلامي إلى حبل المشنقة!!
الإسلام والسلام..
والفتنة الخمينية الكبرى (3)
في حديث سابق لي عن «الإسلام والسلام والفتنة الخمينية الكبرى»، كنت قد تطرقت إلى مجموعة من الممارسات والتوجهات التي يتبناها نظام الحكم الحالي في إيران بزعامة: روح الله المصطفاوي بن أحمد الموسوي المعروف باسم «الخميني»، وهو واحد من أغرب الشخصيات التي عرفها التاريخ الحديث وأكثرها غموضًا.
وكنا قد استعرضنا في الجزء الأول من ذلك الحديث ممارسات نظام الخميني الداخلية وأثرها المباشر على الشعب الإيراني، ثم تناولنا في الجزء الثاني ممارسات هذا النظام على الصعيدين العربي والإسلامي، وانعكاساتها السلبية على أمن وسلام المنطقة بصفة عامة وأيضًا مضاعفاتها على المستوى الدولي.
وبالنسبة لي شخصيًا.. فإنني لا أعرف ورغم اهتمامي بالعلوم السياسية والعلاقات الدولية، نظامًا دار حوله مثل هذا القدر من الجدل، الأمر الذي قد يرجع إلى ما تتميز به شخصية الخميني نفسه من شدة الغموض والتعقيد مع القدرة الملفتة للنظر على فرض السيطرة (وبطريقة غير مفهومة) على قطاع كبير من الشعب الإيراني، وقد يكون السبب هو السلوك العام للنظام الخميني والذي لا يمت إلى أي شكل من أشكال النظريات السياسية أو الأساليب القيادية، ويتبنى قناعات لا تنسجم مع الفرضيات المنطقية والمبادئ الأخلاقية والأعراف الدولية، وربما أن لعنصري القسر والاضطهاد لكل ما يخالف التعاليم الخمينية تبريرًا لهذا الأمر.
كشف الستار
على أي حال، وسواء أكان هذا السبب أو ذاك، فقد كان واجبًا أن نستكمل ما بدأناه من تسليط للأضواء على هذه الظاهرة، محاولين كشف أستارها والتعرف على عوامل حركتها واتجاهاتها، مع العناية بإعطاء زعيم النظام نصيبًا أوفر من الاهتمام، كذلك فسوف نأخذ من أقواله المعلنة وأفعاله الملموسة وأيضًا من آراء بعض مواطنيه ذوي المكانة الفكرية والاجتماعية والدينية المرموقة في المجتمع الإيراني، شاهدًا على أننا نتوخى الموضوعية وننأى عن مظنة التحيز، وذلك على النحو التالي:
أولًا: في مجال الانتماء الإسلامي من جانب النظام الخميني: كان علي خاميئني، رئيس جمهورية إيران الحالي وواحد من أكثر أتباع الخميني طمعًا في خلافته، قد ذكر في خطبة الجمعة التي ألقاها على جموع المصلين في جامعة طهران أوائل العام الميلادي الحالي (1988) أنه: لا يجوز لحكومة مسلمة أن تتجاوز الصلاحيات المحددة لها في إطار الشريعة الإسلامية التي أنزلها الله سبحانه وتعالى، وأن أية حكومة إسلامية إنما تستمد سلطاتها من القوانين الإلهية.
كلام بديهي ومنطقي وليس فيه أي جديد سوى أن قائله واحد من تشكيلة النظام الذي تعودنا على أن لا نسمع منه إلا كل غريب وعجيب وشاذ.. غير أن الأمر الأكثر إثارة للدهشة والعجب، أن الخميني نفسه لم يحتمل السكوت على هذه الزلة الهائلة، حيث سارع إلى استنكارها عن طريق إصدار بيان غاضب نقلته على الفور إذاعة طهران، يكذب ما جاء على لسان رئيس الجمهورية تكذيبًا قاطعًا ويوبخه توبيخًا علنيًا مهينًا، حيث قال: إن خامينئي نقل عني هذا المفهوم (مفهوم سلطة الحكومة المستمدة من الشريعة الإسلامية) محرفًا وأساء تفسير مقصودي وجاء بما يناقض معتقداتي تمامًا، أن حكومتنا جزء من خلافة الرسول عليه السلام ذات السلطة المطلقة، وعليه فإن حكومتنا تحتل الأولوية على جميع التقاليد الدينية مثل الصلاة والصيام والحج، إلخ.. وإني لأعلنها صراحة (والكلام مازال للخميني)، أن الحكومة تستطيع إلغاء أي قانون ديني متى رأت ذلك ضروريًا».
ثم يستطرد الخميني مستكملًا بيانه المفعم بعبارات التأنيب والحط من قدر الرجل الذي يعتبر (ولو من الناحية النظرية على الأقل) رأس الدولة، حيث قال: «إن الحاكم قادر على إلغاء أو هدم المساجد وبإمكان الحكومة أن تلغي من طرفها فقط أية عقود أو التزامات متى ما رأت أن في ذلك تحقيقًا لمصالحها، وعليه فإن باستطاعة الحكومة أن تمنع مواطنيها من أداء فريضة الحج التي تعتبر واحدة من أركان الدين وواجبًا من واجباته الأساسية».
والأمر الغريب هنا، أن الرجل الذي وجهت إليه هذه الإهانة، لم يبتلعها في كرامته أو حتى في دينه الذي يدعي أنه واحد من رجاله فقط، بل وسارع إلى تقديم فروض الطاعة والولاء لذلك الطاغوت الذي نصَّبه رئيسًا للجمهورية، إذ قال من بين ما قال تملقًا واستجلابًا لرضاء ولي نعمته في كلمة أذاعها أيضًا راديو طهران: إن اقتران ميلاد مؤسس الجمهورية (يقصد الخميني طبعًا) بذكرى ميلاد فاطمة الزهراء، لَمِمَّا يُشكِّل انعطافًا هامًا في تاريخ الإسلام، إن الخميني هو خليفة رسول الله، واليوم تتعزز اللغة الفارسية لتصبح لغة الدين الإسلامي التي سينتشر بها في العالم، ثم أثنى على الخميني ثانية وجعل يوم تسلمه السلطة في إيران عيدًا دينيًا مساويًا لعيدي الفطر والأضحى.
ثانيًا: وفيما يتعلق بسمات الانتهازية والتلون التي تتميز بها شخصية الخميني، فيمكن أن يوضحها نموذج أو أكثر من علاقاته بأولئك الرجال الذين عاونوه ومدوا إليه يد المساعدة وكانوا من أقرب المقربين إليه، مثل أبوالحسن بني صدر، وصادق قطب زادة وغيرهم.
الخميني وبني صدر
لقد بدا الخميني بتعريف العلاقة ببني صدر على أساس أنه (أي بني صدر) ليس مجرد صديق فحسب، بل إنه يعتبره ابنًا معنويًا له، ولم يقف الخميني عند هذا الحد وإنما أصدر فتوى شرعية قال فيها: إن طاعة ودعم بني صدر واجبة على كل مسلم إيراني.. ولم تمض سوى سبعة أشهر على هذه الفتوى، حتى انقلب الخميني رأسا على عقب وأظهر وجهه الآخر، وبكل قسوة وشراسة قال عن بني صدر: إنه رجل كذاب، ومن عملاء المخابرات الأمريكية التي يتجسس علينا لحسابها، وهو خائن ويعمل لصالحه فقط.
أما بني صدر فيقول عن الخميني: لقد كنت أنا صاحب فكرة تشكيل دولة إسلامية وعندما أطلعت الخميني على فكرتي هذه أعجب بها واستفاد منها من الناحية الموضوعية، ولكنه ابتكر فيها وأضاف إليها من جانبه مبدأ «ولاية الفقيه»، وبعد أن ناقشته في هذا المبدأ وأفهمته أضراره وسلبياته، أبدى الخميني اقتناعه بأن هذا المبدأ لن يكون له الأثر المطلوب في نفوس الناس.
ثم يضيف بني صدر: كنا نعرف أن الخميني أحمق وغير قادر على الوفاء بمسؤوليات الزعامة، ولكننا لم نكن قلقين من حماقته، لأننا لم نحسبها مشكلة لنا وللحكومة الإسلامية في المستقبل، بل وكان هو نفسه يدرك ذلك، غير أنه خيّب آمالنا جميعًا وعكس تصوراتنا عندما أخذ -بعد أن تمكن من السلطة- بالتدخل في جميع الأمور وبإصرار عجيب سبّب المشاكل العويصة لنا وللجمهورية الإسلامية الجديدة منذ البداية.
إعدام قطب زادة
ومثال آخر على الغدر المتأصل في شخصية الخميني، فقد كان صادق قطب زادة رئيسًا لمكتبه في باريس والناطق بلسانه ومستشاره الصحفي، وبعد نجاح الثورة وعودة الخميني إلى إيران جعل قطب زادة مسؤوله الإعلامي المعتمد ومديرًا عامًا للراديو والتليفزيون (مع ملاحظة الأهمية القصوى التي يوليها الخميني للنواحي الإعلامية)، ثم عينه وزيرًا للخارجية.. وفجأة انقلب الخميني على الرجل الذي يعتبر واحدًا من أقرب معاونيه، فقبض عليه واتهمه بالخيانة ولم تشفع له سنوات العبودية التي قضاها تحت أقدام الخميني، وانتهى به الأمر إلى الإعدام، وهو مصير لقيه الكثير ممن كانوا يعتبرون الخميني مثلهم الأعلى.
شهادة الموسوي
ثالثًا: في معرض إجابته عن سؤال موجه إليه من مندوب جريدة البلاد ونشرته بتاريخ 28 رجب 1408ه حول أسباب قيام الحرب الإيرانية العراقية أصلاً ومبررات استمرارها قال العالم الإيراني الدكتور موسى الموسوي: إن أسباب بدء هذه الحرب ترجع إلى أن الخميني كان يريد تصدير الثورة إلى البلاد المجاورة، وقد بدأ تنفيذ خطته هذه بالعراق باعتباره أقرب وأقوى جيرانه والعقبة التي يمكن أن تقف في طريقه وتعوقه عن تنفيذ أحلامه، لذلك قام الخميني بالتمهيد لهذه الحرب لكي ينفذ من خلالها بالتدريج إلى الدول المجاورة ويبسط نفوذه وسلطته الإرهابية التي يسميها «ولاية الفقيه»، هذه النظرية الشريرة التي ما أنزل الله بها من سلطان، الأمر الذي سفكت بسببه الكثير من دماء الأبرياء وجعلت العالم ينظر إلى المسلمين على أنهم قوم متعطشون للقتل وإراقة الدماء.
وفي إجابته عن سؤال آخر حول ما دبر له نظام الخميني خلال موسم حج العام الماضي، وما يخطط لتنفيذه في حج هذا العام (1988م- 1408ه)، أجاب الدكتور الموسوي: إن ذلك ليس بغريب على الخميني وزمرته الباغية، ولقد كانت المحاولة الدموية التي جرت فعلًا في العام الماضي جزءًا من مخطط يستهدف الأماكن المقدسة ذاتها، ولكن الله حفظها من هذه الفتنة بفضل حكمة وتعقل الحكومة السعودية التي استحقت إعجاب وتقدير العالم كله لقيامها بواجبها في المحافظة على أرواح حجاج بيت الله الحرام والأماكن المقدسة نفسها، لذلك فإن هذا الأمر لا ينبغي السكوت عليه ويتعين على الأمة الإسلامية جميعها أن تقف وراء المملكة العربية السعودية وتؤمن خطواتها لحماية الأماكن المقدسة وأرواح المسلمين.
فتوى طباطبائي
ولدينا هنا أيضًا شاهد آخر (من أهلها) وهو عبارة عن فتوى لأية الله العظمى حسن طباطبائي العمى، نشرتها جريدة كيهان التي تصدر في لندن، حيث يقول: إنني لا أشكو من أي أمر (أصدر هذه الفتوى وهو موضوع تحت الإقامة الجبرية والحراسة المشددة)، حيث كنت في ظل نظام الحكم السابق مبتلي بالحبس والنفي والمحاصرة وشدة العمل، حتى لقد أصبح تحمل الشدائد والصبر على المكاره من الأمور المعتادة بالنسبة لي، غير أن هؤلاء الأشقياء (الخمينيون) أكثر إيلامًا من أسلافهم بمراتب كثيرة، لأنهم ينسبون أعمالهم إلى الإسلام، ولقد سبق وأن أعلنت مرارًا أنني لم أقتل بيد الشاه ورجاله، ولكن من الممكن جدًا، بل ومن المحتمل، أن يقتلني هؤلاء الأشقياء، فهذه الزمرة الظالمة تقتل الأبرياء بغير حساب، وتمارس الحبس والتعذيب وغصب الأموال وهتك الحرمات حتى إنهم غيروا وجه الإسلام تمامًا ومسخوه.
ثم يمضي آية الله طباطبائي قائلًا: إن المصيبة العظمى هي أن الأعمال الوحشية وغير الإنسانية تمارس باسم الإسلام.. وعلى أي حال، وباعتبار وظيفتي الشرعية كفقيه من فقهاء الإسلام، أعلنت وأكرر الإعلان بأن الإسلام بريء منهم ومن دينهم المحرف والمنحرف.. إن دوام الحرب الباغية التي شنها نظام الخميني، هو من المحرمات القطعية، والقتل والقتال فيها حرام، والذهاب إلى الجبهات حرام، والمساعدة والترغيب والتشويق للذهاب إلى هذه الحرب بأي شكل من الأشكال حرام ومخالفتها واجب شرعي.
رابعًا: أما في مجال إنجازات النظام الخميني عبر سنواته التسع المنصرمة من ولايته، فكلنا سمعنا بالطبع أو قرأنا، بل وقد يكون بعضنا قد رأى رأي العين أيضًا، ثورات أو انقلابات من تلك التي وقعت في العديد من دول العالم الثالث، غير أن ما لم يشهده أو يسمع به أحد بالتأكيد أن واحدًا من تلك الانقلابات، ومهما كان اللون الذي ينتمي إليه، قد فعل في أبناء شعبه مثلما فعل نظام الخميني بالشعب الإيراني.
جمهورية الخميني.. كشف حساب
ودعونا نتوقف هنا قليلًا لنلقي نظرة سريعة على إحصائية كانت قد نشرتها جريدة الشرق الأوسط بتاريخ 20/5/1408ه، للكاتب والمفكر الإيراني المعروف أمير طاهري في مناسبة الاحتفال بالذكرى التاسعة لاستيلاء الخميني على السلطة، حيث يقول:.. ولهذا فإن من الأمور المهمة أن نستعرض أداء الجمهورية الإسلامية (جمهورية الخميني) خلال الأعوام التسعة الماضية:
* فمنذ عام 1979م قتل أكثر من مليون إيراني في الحرب الدائرة حتى الآن بينها وبين العراق، إلى جانب مليونين من الجرحى والمشوهين.
* يتراوح عدد الذين تم إعدامهم في إيرانه على أيدي رجال النظام الدموي القائم حاليًا منذ عام 1979م ما بين 25 إلى 100 ألف شخص، والرقم المتوسط هو 62 ألفًا.
* تبعًا للأرقام الرسمية، أصبح أكثر من مليوني شخص إيراني مشردين بلا مأوى.
* يقدر عدد الإيرانيين الذين غادروا بلادهم فرارًا من وجه الطغيان منذ عام 1979م بثلاثة ملايين شخص.
* أظهرت إحصائيات منظمة العفو الدولية أن أكثر من 90 بالمائة من مجموع حالات الإعدام السياسي، التي جرت في كل أنحاء العالم منذ عام 1979م قد تمت في إيران.
* قالت حكومة نظام الخميني: إن تكاليف الحرب التي تشنها على العراق قد بلغت أكثر من أربعمئة ألف مليون دولار (ومع ذلك فهي مازالت متمسكة باستمرار هذه الحرب، إلى أن تحقق أهدافها، كما يقول رموزها، بل وقد بلغ اهتمام الخميني بهذا الأمر إلى الحد الذي دعاه لجمع أتباعه من رؤوس النظام وأخذه عهدًا عليهم بأن يواصلوا الحرب حتى بعد مماته).
* في عام 1977م لم يكن في إيران عاطل واحد، أما الآن وفي عام 1987م على وجه التحديد، فقد قدرت حكومة الخميني نفسها عدد العاطلين في إيران بأكثر من أربعة ملايين.
* في عام 1977م كانت إيران تستورد ما نسبته 11 بالمائة من احتياجاتها العذائية وفي عام 1987م أصبحت تستورد 42 بالمائة من هذه الاحتياجات.
* منذ أن استولى الخميني على السلطة في البلاد لم يبن سدًا واحدًا ولا شق طريقًا رئيسية أو أنشأ مطارًا أو خطًا للسكك الحديدية، وقد خسرت إيران خلال هذه الفترة أكثر من 70 بالمائة من قدرتها على تصفية وتكرير النفط، كما منيت الزراعة بأقدح الأضرار والنكسات.
* في بداية انقلابه، ادّعى الخميني أن محاربة الفساد وتحسين حياة الفقراء تعد من أهم أهداف حكومته الرئيسية، واليوم نسمع رئيس الوزراء موسوي يقول: إن الفساد الهائل والواسع الانتشار يعتبر من أكبر مشكلاتنا، وينظر مجلس النواب الإيراني حاليًا قضية تتعلق باختفاء أكثر من تسعمائة مليون دولار.
ويقول أحمد أزادي عضو المجلس المذكور: إن هناك لصوصًا على كل مستويات الإدارة، ومن النوع الذي لم يسبق أن عرفته هذه البلاد، كما يقول رجل أعمال هولندي يتعامل مع إيران منذ العام 1959م: إن النتيجة الرئيسية الملموسة للثورة الإسلامية، هي زيادة الرشوات التي يتعين علينا دفعها للمسؤولين إلى عشرة أضعاف، أما آية الله كروبي فيقول: لقد أعطى الفقراء لهذه الثورة كل شيء، ولكنهم لم يأخذوا في المقابل أي شيء.
ومع أن كل ما ذكرناه في هذا الحديث ليس سوى مجرد نماذج لقائمة طويلة من السلبيات التي يتعذر حصرها، إلا أنني أود أن أبدي هنا ملاحظة سريعة قبل أن أختتم الحديث، وهي أننا حتى لو افترضنا جدلًا أن هذا العدد الضخم ممن تم إعدامهم أو جرى تشريدهم أو فروا طوعًا أو كرهًا من وجه الطغيان الخميني إلى كل أركان الأرض، هم فعلًا -وكما يدعي نظام الخميني- من أعداء الثورة ومعارضيها.. أفلا يكون هذا هو الدليل القاطع والبرهان الساطع على أن هذا النظام الكريه لا يتمتع بثقة وقابلية جميع فئات الشعب الإيراني، وبالتالي فإن بقاء هذا النظام في الحكم مرهون بمواصلة البطش والإرهاب والحرب المفتعلة مع العراق.
خداع وتضليل
أما إذا أردنا أن نلقي نظرة على مصداقيته الدولية وعلاقاته مع الأطراف العربية والإسلامية، فإننا نجد أن نظام الخميني قد استخدم في هذا المجال أحط أشكال الخداع، والتضليل، ويكفي أن نتذكر أنه منذ عام 1982م، وفي الوقت الذي كان يملأ الدنيا ضجيجًا إعلاميًا، مؤكدًا أن تحرير القدس الشريف ونصرة الشعب الفلسطيني إنما يأتي في مقدمة أولويات الثورة الخمينية وأهدافها المصيرية، كان نظام الخميني يتلقى سرًا كل أنواع الأسلحة والتدريب من إسرائيل، ويبذل أقصى مهاراته الإعلامية لإخفاء هذه العلاقة الآثمة، مدعيًا بأن الأنباء المتعلقة بهذه العلاقة غير صحيحة، ومتهمًا مروّجيها بأنهم أعداء الإسلام الذين يعملون على الوقيعة بين المسلمين.
وعندما اشتد حصار الأدلة حوله وصُفع وجهه بعشرات الإثباتات والبراهين، لجأ نظام الخميني إلى المزيد من الخداع والتضليل، مدعيًا بأن هناك فعلًا بعض الصفقات الصغيرة، ولكنها مجرد تصفية لحسابات قديمة واستحصال على ديون معدومة في ذمة إسرائيل، كبقايا لصفقات سابقة كان الشاه قد أبرمها ودفع ثمنها مقدمًا.. وبعد ذلك افتضحت صفقات إيران/ جيت، أو إيران/ الكونترا كما يقولون، والتي كان أبطالها الحقيقيون هم الصهاينة وعملاؤهم، الذين ألجمت اعترافاتهم لسان القيادة الإيرانية، فلم تستطع نفيها أو تبريرها.. وأخيرًا تكشف لنا الوقائع الثابتة والموثقة بالسجلات الرسمية لبعض الدول الأوروبية بأن هذه العلاقة الآثمة كانت قائمة منذ عام 1982م، وأنها ظلت مستمرة حتى يومنا هذا، بل وأنها تتم على أساس مبادلة الأسلحة بالمهاجرين اليهود الإيرانيين.
هذا هو النظام الإيراني (نظام الخميني) الذي يدّعي أنه أقام جمهورية إسلامية في إيران لرفعة شأن الإسلام ورد اعتبار المسلمين في مواجهة قوى البغي العالمية، عن طريق تصدير هذه الثورة إلى كل أنحاء العالم (الإسلامي) تحت وصاية هذا النظام، لكي يعمل على تقدم الأمة الإسلامية في ظل رعايته، مثلما حققت إيران في كنفه من تقدم، حقًا إنهم رجال لا يخجلون، ولا يعرف الحياء طريقًا إلى وجوههم، مثلما لم يعرف الشرف طريقًا إلى ضمائرهم.. وحسبنا الله ونعم الوكيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.