تحدثت في مقال سابق حول أبرز التحديات التي تواجه المنظومة التعليمية، هنا سنقدم محاولة استشراف للحلول الملائمة لها على المستويين المحلي والعالمي؛ في ضوء موازنة موضوعية بين العائدات الطويلة الأجل من التعليم الأفضل وتكاليف الاستثمار المرتفعة والقصيرة الأجل فيه، مع تفهمنا والأخذ في الاعتبار صعوبة وجود مقاييس واضحة لقياس النجاح، ولذلك فإن واضعي السياسات التعليمية الذين يواجهون تحدي معالجة الفجوة بين التعليم والعمل يحتاجون إلى التمسك بتحديث الرؤية والمهارات اللازمة للعام الجديد 2020. لا شك أن جهود الوزارة في إصلاح المناهج الدراسية أصبحت واضحة ومستمرة، فقد كان هناك تفاوت بين المهارات التي وضعتها معظم النظم التعليمية والمهارات المطلوبة بالفعل في سوق العمل. حيث يحتاج منهج القرن الحادي والعشرين إلى ثلاثة عناصر رئيسة وهي: المهارات الأساسية مثل الإلمام بالقراءة والكتابة والحساب ومهارات STEM، والمهارات الناعمة والتي تشمل التواصل والتفكير الناقد وإدارة الأزمات والذكاء العاطفي مع الالتزام بمهارات التفكير العليا والمهارات الحياتية، القيم والكفاءات المدنية. وجميع ذلك يتطلب التخطيط المبكر بمناهج يبدأ تطبيقها في مراحل التعليم المبكر Early Education تراعي التأهيل والتدريب المستمر للوصول لسوق العمل المستقبلي. وللحديث عن حلول لمواجهة الفجوة المهارية يمكن أن نستعرض تجربة إنشاء الجامعة السعودية الإلكترونية كمؤسسة تعليمية حكومية، تهتم في جوهرها بسد فجوة المهارات المستقبلية، وتقدم التعليم العالي والتعلم مدى الحياة، وتوفر بيئة قائمة على تقنيات المعلومات والاتصالات والتعلم الإلكتروني والتعليم المدمج، وتمنح درجات علمية في برامج وتخصصات متوائمة مع احتياجات سوق العمل وملبية لمتطلبات التنمية والتعلم مدى الحياة والإسهام في بناء اقتصاد ومجتمع المعرفة في المملكة وإيصال رسالتها الحضارية عالميا؛ كما أن تكنولوجيا التعلم الإلكتروني والتعليم المدمج «تدعم عمليات تطوير المهارات الفائقة»، وكذلك «تيسير الوصول إلى التعليم على نطاق أوسع». وتوفر تكنولوجيات التعلم الإلكتروني للطلاب إدارة أفضل للأعباء المالية المرتبطة بالتعليم، بما يعمل على إتاحة التعلم المستمر وتحقيق مبدأ التعلم مدى الحياة، كأحد أهم أهداف رؤية المملكة 2030، وهو سد الفجوة بين مخرجات التعليم العالي ومتطلبات سوق العمل. ومن خلال هذه التجربة نستطيع الخروج بتوصيات عامة تؤكد على أهمية تبني رؤى إستراتيجية للتعليم من أجل عالم جديد تكون مبنية على الاستخدام الفعال لبيانات ومعلومات سوق العمل. والأهم أن تستجيب هذه النظم التعليمية لاحتياجات القوى العاملة في القرن الحادي والعشرين وإطلاق العنان لإمكانات التقنية للمساعدة في سد الفجوة في المهارات، هكذا فإن التطوير للمهارات كمي ونوعي ويتطلب موازنة فاعلة بين مخرجات العملية التعليمية وبين الطلب عليها في سوق العمل ولمختلف الاختصاصات وفق مناهج مطورة ومحدثة باستمرار ومتلائمة مع التطورات المتسارعة في حقول العمل المختلفة معالجة فجوة الإعداد والتأهيل المهاري للخريج والارتقاء بنوعيته لمستقبل مشرق بأبنائه وبناته.