اشتكت إليّ زوجتي الغالية بأن أبنتنا (مايا) في بعض الأيام أول ما ترجع من المدرسة تدخل للمطبخ وتأكل بنهم غريب، وتساءلت مستغربة؛ أنت بتعطيها فسحة؟! لأجيبها مبتسما بكل تأكيد تأخذها مثل إخوانها!!، وفي صباح اليوم التالي وكاختبار مني؛ وزعت الفسحة على أبنائي ما عدا (مايا)، ليقع ردها علي كالصاعقة؛ لا يا بابا اليوم بالذات لازم أعطي زميلتي الفسحة، لأجيبها مستنكرا؛ وليه تعطينها.. لا يكون تتنمر عليك وتأخذها منك، قالت: لا يا بابا حرام عليك هذي مسكينة، أبوها ما عنده فلوس، ويقول لها أطلبي من عمك، وعمها أحيانا يعطيها ريالا وأحيانا ما يعطيها، علشان كذا تجلس بالفسحة وحيدة وحزينة!! يبدو أن والد هذه الطفلة مصاب بأحد فايروسات العصر: البطالة، أو إيقاف الخدمات، أو بهما معا، ما جعل أعراضها تنتقل لفلذة كبده، مسببة تليف طفولتها، واستئصال براءتها، وحرمانها من فسحتها، لتشيخ مبكرا مع هموم الديون التي كست معالم وجهها!! لقد عملت وزارة العدل على تخفيف الأضرار الأسرية الناجمة عن إيقاف الخدمات، وذلك بإلغاء وتعديل بعض المواد النظامية، مراعية بالوقت ذاته عدم الحط من هيبة القضاء أو التفريط في رد الحقوق لأصحابها، لكنني أقترح عليها دراسة استبعاد الأوراق التجارية؛ الكمبيالة وسند لأمر، كونهما أداة ضمان وليس وفاء، من سندات التنفيذ متى كان سبب إنشائهما: كفالة غرم، أو بيعا منتهيا بالتمليك، أو قرضا آجلا لم يحن موعده، لأنني أرى الاستغلال والإكراه الذي يتعرض له العميل يبطل شرط التعاقد بتحصيل بقية الأقساط دفعة واحدة متى تخلف عن سداد أحدها!! بالمقابل على وزارة التجارة أن تشترط الدراسة الائتمانية لكل عميل لضمان سداده قيمة التعاقد وإلا فتتحمل الشركة البائعة مسؤولية تفريطها، وعلى وزارة العمل أن توقف ظاهرة الفصل التعسفي أو أن تقوم بإحالة أسر المفصولين لقطاع التنمية الاجتماعية لدعمهم ماديا ومعنويا أسوة بالأيتام والأرامل، وعلى مؤسسة النقد إضافة بند لعقود القروض البنكية يقضي بوقف أو إعادة الجدولة في حالة تعرض المدين للفصل واعتبارها من حالات القوة القاهرة، وعلى وزارة التعليم إعادة توفير (الوجبة المدرسية) للطلبة المعسرين.