هبطت (فضيلة) سوق الأحد في رغدان، خرجت من بين الأسودين، وطلعت من الدعامة، ونزلت من مسب، وقطعت وادي قوب. درّجت بين حلال مجموع في طرف السوق، ولم ترفع نظرها عن بقرة صبحاء. انتبه لها الدلال فخفتها: بغيتي شيء يا مخلوقة؟ قالت: ودّي ببقرة دافع، فطلب منها تتبعه. لزم ذيل بقرة، وقال: عليّ الطلاق إن ذي لها الخامس، فعلّقت: دريت بك، الذيل خامس الأربعة أرجول، لكن والله إن كانت ما هي حامل لتنقّص لي خمسة ريالات أُجرة التلقيح. صدرت بها للقرية، وكل يوم تتفقدها، وتراقب ضرعها. وعندما تيقنت أنها لم تدفع، توجهت للفقيه وطلبت ثوره لتلقيح البقرة. بغى يفهق من الفرحة خصوصاً عندما وضعت في بطن كفه خمسة ريالات، افتك الثور الأحبش من رباطه، وسار وراها. طلب منها تربط البقرة في الجرين وتوخّر عنها، قالت: فيش نربطها؟، قال: وخّري عنها يتولاها المؤذن بيسدك فيها. تابعت القرية طقساً تعارفت عليه، وختمته صاحبة البقرة، بوضع الطين على ظهرها حتى تقطب اللقاح. بعد تسعة شهور ولدت البقرة، ودار لبنها في كل بيت، فضيلة السخية، تحلب، وتروّب في الليل، وتمخض في شكوتها من الصبح، وترسل غضارات اللبن للعريفة، والفقيه، والمؤذن، فيما تحتفظ بالزبدة في سطل مدهون حتى تسمع عن مريض، فتغرف منه في طاسة وتذهب للزيارة. احتج ابنها (فاضل) على توزيع اللبن والسمن، فقالت له: أربّك يا سلتان فِدت وإلا صدت. فأنشد «بعض البقر عذّبت رعيانها حي هلم حي، حليبها راح للعربان وتواصلو به». امتحنته، وين القضب وأنا أمك، وين القصيل، وين العلف، شمّس البقرة، اسرح اسق البقرة، حُق دمن البقرة. احتج: ذلحين حليب بقرتك وزبدتها في كل بيت وسدة والمسراح والمراح على فاضل. علّقت: ولا معونة. فقال: نتعب ونشقى والحقينة لغيرنا. هي بقرتنا وإلا بقرة الجماعة. ماتت فضيلة وتولى فاضل مسؤولية البقرة، وكل ما طلبه أحد لبن قال «موص ثمّك وابلعه، وأضاف اللي وده يحتلبها يعلفها، ما تبغون إلا قرص مقرّص»، وثالث يوم والجماعة متولّفين في السفل يتفكرون في ضرعّ بيتشقق وما يدرّ. علمي وسلامتكم. Al_ARobai@