بتأريخ 14 يناير نشرت «عكاظ» خبراً أو تقريراً صحفياً عنونته في صفحتها الأولى ب«ماذا يفعل الرقاة في عنابر المرضى»، انتقدت فيه تشبث وزارة الصحة باللائحة التنفيذية لنظام الرعاية الصحية النفسية بدلاً من مراجعتها، رغم ما فيها من بنود ما زالت محل خلاف علمي وجدل شرعي، وما تعرضت له بعض بنودها من نقد علمي على ألسنة متخصصين، ومن ذلك موضوع السماح بالرقية الشرعية في المستشفيات النفسية والبنود التنظيمية لما يسمى «جلسات الرقية». ويوم قبل أمس (الثلاثاء) 28 يناير نشرت «عكاظ» أيضا حواراً مع الدكتور نواف الحارثي مشرف مجمع الأمل والصحة النفسية بجدة، عنونته في صدر صفحتها الأولى ب«أوقفوا فوضى الرقاة»، من ضمن ما جاء فيه شكواه من تدخلات الرقاة، لأن معظمهم يطالبون المرضى النفسيين بإيقاف العلاج ما ينعكس سلباً على صحتهم ويضر برنامجهم العلاجي، مطالباً بإنهاء ما تم وصفه بفوضى الرقاة. وقبل أن يقفز أحد ليعترض عشوائياً على التحفظ على ممارسات بعض الرقاة، نقول إن الدعم الروحي للمرضى بالنصوص الدينية معترف به وجزء من برامج العلاج في أدبيات الطب، ولكن وفق ضوابط وشروط وإشراف وحدود غير مسموح بتجاوزها، وعندما نتحدث عن موضوع الرقاة لدينا فلسنا بحاجة إلى التذكير بالكوارث التي تسبب فيها بعضهم لكثير من المرضى النفسيين الذين قصدوهم، بسبب جهل أولئك الرقاة وتضليلهم لضحاياهم وتسفيههم للطب النفسي، وهذا قد يفسر جزئيا إقبال 15% من المرضى عليهم مقابل 6% فقط من المرضى يقصدون الطبيب النفسي، كما أشار الدكتور نواف. لدينا مشاكل جمة في مجال الطب النفسي والصحة النفسية يتحدث عنها الأطباء المتخصصون بأسى وحسرة منذ وقت طويل دون تحسن معقول في خدماتها، والتي مهما كانت متواضعة لا يصح أن نصل بها إلى هذا العبث الذي يتم تحت مرأى وزارة الصحة وبرعايتها، فطالما ترسخت قناعات خاطئة مع الوقت عن الطب النفسي لدى شريحة كبيرة من الناس، وطالما مسموح لكل من هب ودب من مدعي الرقية بالدخول إلى المصحات النفسية وإقناع المرضى بإيقاف العلاج لضمان استمرار ورواج تجارتهم فإننا بذلك نحول الوضع من سيئ إلى أسوأ ونقترف خطأً فادحاً بحق المرضى. أضم صوتي إلى صوت الدكتور نواف الحارثي مطالباً بإيقاف فوضى الرقاة.