أبقت عبارة «بعد التنسيق مع الطبيب المعالج» التي وردت في نظام الرعاية الصحية النفسية باب الجدل مفتوحا بين أطباء الصحة النفسية والرقاة الشرعيين، إلا أن وزارة الصحة أكدت أنها لن تسمح بدخول أي راق لمستشفياتها إن لم يكن مرخصا ومؤهلا. ونص البند الثاني عشر من المادة التاسعة في نظام الرعاية الصحية الذي أقره مجلس الوزراء أخيراً على انه «يحق له بعد التنسيق مع الطبيب المعالج أن يرقيه في المنشأة العلاجية النفسية أحد الرقاة الشرعيين، إذا رأى المريض أو ذووه ذلك؛ على أن تكون وفق ما جاء في الكتاب والسنة دون تجاوز ذلك بأي فعل». ويأتي تأكيد الصحة رغم عدم صدور نظام الرقية الشرعية الذي تعكف على تنفيذه هيئة الأمر بالمعروف ووزارة الشؤون الإسلامية ولم يتم الانتهاء منه حتى حينه، وفق مدير عام الصحة النفسية والخدمة الاجتماعية بوزارة الصحة الدكتور عبدالحميد الحبيب، ونص البند الثاني عشر من المادة التاسعة في اللائحة التنفيذية لنظام الرعاية الصحية النفسية على أنه «يحق له بعد التنسيق مع الطبيب المعالج أن يرقيه في المنشأة العلاجية النفسية أحد الرقاة الشرعيين، إذا رأى المريض أو ذووه ذلك؛ على أن تكون وفق ما جاء في الكتاب والسنة دون تجاوز ذلك بأي فعل». الرقاة المرخصون من جانبه، أكد مدير عام الصحة النفسية والخدمة الاجتماعية بوزارة الصحة الدكتور عبدالحميد الحبيب أن المستشفيات النفسية لن تفتح الباب لجميع الرقاة بالدخول، ولن يتم الأمر إلا وفق ضوابط؛ من أهمها أن يكون الراقي مرخصا وبدرجة عالية، وسيتم التأكد من ذلك قبل دخوله ولن يُدخل معه أي مواد أو أدوية شعبية ولن يسمح له إلا بدخول المصحف فقط، إضافة إلى وجود أحد أفراد الفريق المعالج من ممرضين أو أطباء لمتابعة أي تجاوزات قد تحدث من الرقاة أو تضر بمصلحة المرضى. وأضاف أن فريقا من هيئة الأمر بالمعروف والشؤون الإسلامية يعكف على إعداد نظام الرقية الشرعية والذي سيرخص للرقاة وفي حال تأخر النظام وبدء تنفيذ القرار، لن يسمح بدخول الرقاة إلى مستشفيات الصحة النفسية إلا وفق الإجراءات والاشتراطات، وسيمنع دخول أي أعشاب أو مشروبات أو أدوية شعبية معهم. تجاوزات الرقاة وبدوره، استغرب استشاري الطب النفسي مدير مركز خبراء النفس في جدة الدكتور محمد الحامد في حديثه ل»مكة»وضع مثل هذا البند في النظام وقال «في معظم الدول يستخدم العلاج الروحي والتلاوة إلا أن هذه الدول لم تسن في القانون فقرة تنص على دخول هؤلاء المعالجين المستشفيات، ونحن لا نرفض الرقية الشرعية؛ فكلنا أطباء مسلمون من ذوي العقيدة الصحيحة والرقية الشرعية تقوي علاقة الإنسان بالله». وأضاف «والصحيح أن يرقي الإنسان نفسه بعيدا عن قصة المتاجرة بالرقية والسلوكيات الخاطئة، وتنظيمات الصحة يفترض أن تجنب عدم حدوث فوضى في المستشفيات وأنا مع رقية الإنسان لنفسه». واستدرك قائلا «من خلال الخبرة لا أرى رقية لبعض الأمراض العقلية والمريض الذي لا يستطيع علاج نفسه يرقيه أهله، وموضوع دخول الرقاة للمستشفيات أرى إعادة النظر فيه لعدة أسباب؛ منها بعض الرقاة لهم ممارسات وتجاوزات لا يستطيع أحد التنبؤ بها، من خنق أو استخدام الضرب والكهرباء ونحوها أو إعطاء مياه مخلوطة بأعشاب وبعض الوصفات التي قد تضر بصحة المريض، وعند حدوث مضاعفات أو أمراض خطيرة جراء تلك الممارسات يكون الطبيب المعالج هو المسؤول عن الحالة أمام القانون، ومن المعروف أن المريض عند دخوله المستشفى يكون تحت ولاية المستشفى وطبيبه المعالج». وأشار إلى أنه من الممكن ممارسة الرقية قبل دخول المستشفى أو بعد الخروج منها؛ معللا ذلك بقوله «لا يوجد ضرورة لدخول الرقاة للمستشفيات؛ حيث إن الأمر لا يعد عاجلا ولا يضر بعد دخول المستشفى أو الخروج منها، وقد يسهم اختلاف تشخيص لحالة بين الراقي الشرعي والطبيب المستند لرأي علمي في حدوث بلبلة عند المريض وذويه؛ فقد يرى الطبيب النفسي أن حالة المريض مثلا «انفصام» فيما يراه الراقي مسا أوحسدا». الطب النفسي لا يعارض الرقية إلى ذلك، أوضح مدير مستشفى الصحة النفسية بجدة الدكتور سهيل خان أن النظام الجديد سينظم الرقية الشرعية داخل المستشفيات، وقد كان الأمر موجودا في السابق ولكن باعتماد من الطبيب المعالج دون وجود نص في النظام، والطب النفسي لا يعارض الرقية الشرعية بل يدعو إلى المواءمة بين العلاج الروحاني والعلاج العقاري؛ إلا أن بعض الممارسات الخاطئة في الرقية الشرعية هي التي توجب سن النظام، والأمراض النفسية مشخصة وفق معايير دولية. وأضاف قائلا «نقبل أن يكون هناك توافق بين الجانبين»، مستشهدا بإصابة شخص بكسر في رجله نتيجة الحسد، فتكون البداية بالعلاج الطبي والتجبير وهو الأهم ومن ثم قد تتم القراءة عليه.