أكد رئيس مجلس إدارة هيئة الصحفيين السعوديين رئيس اتحاد الصحافة الخليجية رئيس تحرير «الجزيرة» السعودية خالد المالك أن الصحافة الورقية لن تموت، ربما تموت أدواتها، إلا أن جودة محتواها سيضمن استمرارها، ما يفتح بابا للإعلاميين لنشر محتوى يستجيب لرغبات القراء، مشيرا إلى أن الصحافة الرقمية باتت تواجه تحديا كبيرا بانصراف القراء عنها نتيجة طغيان مواقع التواصل، ما يستوجب من كليات الإعلام غربلة مناهجها وأساتذتها لمواكبة هذا التطور. جاء ذلك خلال ملتقى الإيسيسكو الثقافي الذي انطلق (الثلاثاء) بمقر منظمة التربية والعلوم والثقافية (إيسيسكو) بالعاصمة المغربية الرباط، بعنوان «مستقبل الإعلام: من الصحافة الورقية إلى الرقمية»، بحضور قادة الفكر من داخل العالم الإسلامي وخارجه، فيما استضاف الملتقى كمتحدثين إلى جانب المالك، كلا من محمد الصديق معنينو، الكاتب والإعلامي المرموق من المغرب والذي تقلَّد عدة مناصب وكان مديراً للتلفزة الوطنية وكاتباً عاما لوزارة الاتصال سابقاً، وأدار اللقاء الدكتور عبدالإله بنعرفة، المستشار الثقافي للمدير العام للإيسيسكو، وحضره الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام للمنظمة، وعدد من السفراء والدبلوماسيين والمسؤولين وكبار الصحفيين والإعلاميين بالمغرب وجمع من المتخصصين والطلاب المهتمين بموضوع اللقاء. وفي كلمته، أكد مدير عام الإيسيسكو أن الأزمة التي تمر بها مهنة الصحافة لا تقتصر على الجانب الأخلاقي والقضايا المجتمعية، ولكن التحولات التقنية الجديدة، كشفت هشاشة مهنية أثرت سلبا عليها، وهو ما أصبح يتحتم معه إعادة هيكلة نظم عملها. بدوره أكد رئيس تحرير «الجزيرة» خالد المالك في محاضرته أن «المنافسة» بين الصحافة الورقية والإلكترونية ما زالت محل جدل ونقاش بين المتخصصين حول العالم، مشيرا إلى أن تجربته في رئاسة التحرير لنحو 40 عاماً لأول صحيفة سعودية، تؤكد تغير الإعلام وفقا لسلوك المصادر والمتلقي، لاسيما مع ظهور التطبيقات الرقمية، وعلى رأسها «تويتر» الذي أصبح نقطة الجذب الأولى إعلاميا، ما أبرز مصطلح «صحافة المواطن» وأصبح للشخص العادي دور لا يمكن إغفاله في صناعة الإعلام الجديد، وبات بوسع أي شخص أن يصبح صحفيا أو حتى رئيس تحرير، وباتت التقنية هي التي تحدد المسار والطريق لإعلام الغد. واستطرد، غير أن هذا النوع من الإعلام الجديد يعاني من مشكلات عدة كركاكة الأسلوب أو التعرض للمساءلة القانونية لما ينشره من محتوى يتجاوز القواعد المهنية والقانونية التي تحكم عمل الصحافة الورقية، ما يستوجب من الصحف الإلكترونية الاعتماد على مؤسسات لمراقبة المحتوى، لاسيما أن البعض يرى أنها بديل للصحافة الورقية، ما يعني أن هناك حاجة لتعليم الأساليب والصيغ التي تقدم للجمهور. واختتم محاضرته قائلا: قد تختفي الصحافة الورقية، لكن الصحافة المطبوعة لن تنقرض، بل ستتحول من الهيئة الورقية إلى إلكترونية أو تفاعلية، لاسيما أن الصحافة الرقمية ما زالت في طور التشكيل، وأن إعادة النظر في محتوى الصحافة المطبوعة هو السبيل لبقائها، مستدركا: «حل المعضلة التي تواجه الصحافة المطبوعة -في رأيي- يكمن في الوصول إلى صيغة للتكامل بين الإعلام المطبوع والإعلام الرقمي، وإعلام التواصل الاجتماعي». واستهل مغنينو محاضرته برصد تاريخ التجربة الصحفية المغربية، مؤكدا أن شراء الصحف اليومية كان عملا وطنيا ودعما للحركة الوطنية، ما ساهم في ارتفاع مبيعاتها، وصنع حيوية إعلامية، ليعود متسائلا: «كيف يمكن أن تعيش الجرائد المطبوعة اليوم، في حين أن القارئ العربي بات يقرأ ما إجماليه 6 دقائق سنويا، وفق إحصاءات متداولة، مشيرا إلى أن مشاكل الصحافة المطبوعة شهدت في آواخر تسعينات القرن الماضي تفاقما، مع ظهور الهواتف المحمولة، لم يعد معها الدعم المادي كافيا وحده لإنقاذها». فالصحافة الورقية في حرب وجود لفرض ذاتها في ظل مبيعات هزيلة تكاد تصل لنحو 120 ألف نسخة صحفية مباعة يوميا في المغرب، التي بات عدد سكانها يتخطى 36 مليون مواطن، مؤكدا أن الصحافة الورقية يجب أن تتغير وأن تواكب الانفتاح الرقمي. وفي ختام اللقاء، كرم مدير الإيسيسكو ضيفي اللقاء، إذ سلم درع المنظمة وشهادة شكر وتقدير لكل من خالد المالك ومحمد الصديق معنينو، وسط إشادة من الحضور بالضيفين والمحتوى الثري للقاء الثقافي.