يتحدث الكثير عن التغيير في المنظمات الحكومية وأهميته لديناميكية المنظمة ونجاعتها، وقدرتها على تحقيق أهدافها الاستراتيجية التي ترسم من قبل الإدارات العليا في المنظمة داخل إطار السياسات العامة للدولة بما يخدم التوجهات العليا والدول. المنظمات الحكومية في المملكة ليست بدعاً من القول، وهي تشبه كل منظمات العالم من حيث الهدف وكونها أذرعاً للسياسات العامة للدولة؛ ولذلك فإن تطوير المنظمات الحكومية -الوزارات- يتطلب الكثير من الأبجديات اللازمة لإجراء التغيير والتحديث، وجعل المنظمة جزءاً من الرؤية العظيمة لسيدي ولي العهد، الذي جعل طموحنا كمواطنين وموظفين طموحاً يعانق السماء. من أبجديات التغيير أن -الموظف العام من رأس هرم المنظمة وحتى الصف الأول فيها- يجب أن يكون ملماً بالأهداف الاستراتيجية لمنظمته ورسالتها، لتكون له بمثابة البوصلة التي يتلمسها عند رسم الاستراتيجيات للمنظمة على مستوى الإدارات العليا، وبواسطة الإدارات المتوسطة من الوكلاء ومديري العموم يتم نقلها لحيز -إمكانية التنفيذ- عبر تحويل الأهداف الاستراتيجية إلى أنشطة وبرامج. وأخيراً يأتي دور الإدارات في أسفل الهرم، والتي تأخذ على كاهلها وضع البرامج والأنشطة في حيز التنفيذ والتفعيل وتصميم المبادرات المناسبة لكل نشاط وبرنامج، وهذا هو الوضع المثالي إن صح التعبير! أما واقع بعض المنظمات الحكومية فهو بعيد عن هذه المثالية، إذ تكون الاستراتيجيات من تخصص الإدارات العليا ولكنها لا تصل أبداً للإدارات الوسطى ولا لأسفل الهرم الإداري -بسبب تجلط الدم في شريان المنظمة الإداري- وتكون الاستراتيجيات مجرد حبر على ورق، قيمتها لا تساوي فعلياً قيمة الورق الذي طبعت عليه، ويبقى الموظف البسيط يواجه المستجدات العملية باجتهادات شخصية، وينشغل مديروه بعمليات التجميل والتبرير للإدارات العليا في المنظمة، حتى لا يفقدوا عقودهم ومناصبهم! وعندما تحاول الإدارات العليا أن تقوم بتغيير فعلي، قد تصدم بمقاومة التغيير من المتنفذين والمنتفعين ومصاصي الدماء الحكومية، ومافيا إدارات الظل، حيث تعطل القرارات الناجحة وتُنشط القرارات البسيطة غير ذات الأثر، ويبقى التغيير سطحياً لا يصل إلى لب المشكلة، ولذا فإن هذه الوزارات هي مقابر عملية للوزراء إلا قليلاً منها، وهنا أشير أنه لا وزارة معنية بشكل خاص بهذا المقال العام عن التغيير في المنظمات الحكومية، والذي قد ينطبق وقد لا ينطبق على أي وزارة! وعندما يقرؤه مسؤول ويجد أنه معني به؛ فهذا من الظن وبعض الظن أثم! رسالتي إلى معالي الوزير في أي وزارة ممن حظوا بالثقة الملكية الكريمة والتي هم بلا شك أهلٌ لها، إن مقاومي التغيير يراهنون على مرور الوقت في فشلك، فهم يعلمون أنهم باقون وأن الوزراء متحركون، وإذا كنت تسعى للتغير الفعال فإنك بحاجة لاجتثاث المتنفذين والمتنفعين بقرارات إدارية نافذة صارمة، تصل إلى أسفل الهرم، حتى تكون ذراعاً فعالاً لرؤية سيدي المجدد ولي العهد التي تعانق السماء.