الحروب بكل أشكالها اضطرار، ليست متعة ولا نعمة. واستراحة المحارب كاتبا كان أو جنديا لا بد منها ليعيد كل منهما ترتيب أوراقه، أو استجماع قوته. هذا هو حال الدنيا الفانية كر وفر.. حرب وهزائم ونصر. لكن في الحياة السرمدية والجنات التي عرضها السموات والأرض هناك التلذذ بالهبات والنعمات الإلهية، فهي حياة لا تشبه الدنيا، فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.. هذه الجنة التي لا بد أن يقف عندها الخيال المؤمن عاجزا، أما إذا انطلق الخيال فهو ليس في تلك الجنة الموعودة عند العزيز القدير عندما تفنى الأرواح... هي أرضه حتى لو أسماها في خياله جنة. ما جعلني أستذكر الجنة ونعيمها ولا أجرؤ حتى على التخيل أو اقتناص صورة لها هو لوحة فنية نشرها المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي لجنرال الحرب وقائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني الذي تشظى وتقسّم إثر عملية الاغتيال التي استهدفته، فالتاريخ يعيد نفسه وعلى الظالم تدور الدوائر. كان مكان اللوحة، كما أريد لها، الجنة حيث حياة النعيم السرمدية، أما الشخوص فهم مجموعة قتلى من الحرس الثوري أو القيادات سواء في «هفت تير» أو غيرها، بالإضافة إلى الخميني قائد تلك الثورة التي دمرت إيران. لكن الموضوع الأساسي للوحة هو قاسم سليماني الذي تمت تصفيته مؤخرا، وهو في حضن سبط الرسول صلى الله عليه وسلم، الحسين بن علي رضي الله عنهما يرتديا زيا عسكريا يبدو من خوذة المقاتل، وكأن الجنة أرض قتال ودمار وإرهاب. إن ما قالته اللوحة عجزت عنه كل التغريدات والمقالات في أن تقوله.. باختصار قالت: قاسم سليماني ليس في الجنة التي يعرفها المسلمون، ولا بين أحضان سبط رسول الله الحسين بن علي، بل هو في أرضه وبين جمهور.. لكنها أرض خارج هذا الزمن. * كاتبة سعودية [email protected]