أعلم أن الحياة جميلة، والتفاؤل مطلوب، وأعلم أن كلَ يوم نعيشه هو هدية كبرى من الله منحنا إياه بخيره ونعمه التي لا تحصى، فالحمد لله على كل النعم، ولكن ليس بمقدورنا أن ننسى حبيباً خطفه الموتُ منا، افتقدنا جمالَ نظراته وابتسامته وحديثه وصحبته، لا نملك إلا أن نكون مطمئنين متفائلين، مؤمنين بوعد الله «وبشر الصابرين»، «إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ». وأنت يا أبي نحسبك من المؤمنين الصابرين، فما أقساه من عذاب يتفطر له القلب، عندما يتألم ألما شديدا لا يقوى عليه جسده النحيل المنهك.. أو عندما تشاهد من تحب يريد أن يتحرك بمفرده فلا يستطيع الحركة أو يريد أن يأكل بضع لقيمات يسد بها رمقه فلا يستطيع بلعها. أو يريد أن يقول لنا بضع كلمات فلايستطيع الكلام، ويرد بالحمد لله لكل من يسأل عن حاله ولا يقول غيرها، فتقف لا تملك من الأمر شيئا غير الدموع والدعاء. والدي الحبيب سامحنا إن كنا قصرنا في حقك، ولن نفيك مهما فعلنا، واعلم أننا أحببناك كثيرا، بل إن قطعة منا ذهبت ودُفِنت معك.. اللهم أسألك ألا تحرمه أجرَ صبرِه على كلِ ألمٍ أحس به وكلِ مرضٍ عانى منه في حياته، وأنزله منزلةً تليق ببشراك وأفرحه فرحاً عظيماً يليق بصبرِه، استودعتك الله الذي لا تضيع ودائعه، ونسأل الله أن نلتقي بك في جنات النعيم لا نفترق بعدها أبدا.