يعيش العالم مرحلة معرفية جديدة جعلته أكثر إصراراً على المضي في مسيرة البحث العلمي، فظهر ما يعرف باقتصاد المعرفة وتقنياتها، وأصبح من متطلبات الولوج في مرحلة المعرفة، واستثمارها قيام المنظمات باستحداث نمط جديد في تعاملاتها، يسمى بإدارة المعرفة عبر توفير الإمكانات التي تهيئ المناخ المناسب لتفعيلها لتقوم بإيجادها وإنتاجها وبثها والمشاركة فيها واعتبارها سلعة تعرض للبيع وتكون مصدر دخل للمجتمع المنتج. وتعد إدارة المعرفة مرحلة متقدمة في مسيرة الحضارة الإنسانية، وشكلاً من أشكال تحول المجتمعات وتطور البشرية، وأثرها واضح في مرحلة الثورة الصناعية الرابعة ومتطلبات الذكاء الاصطناعي، وهي الأكثر عناية بتحليل البيانات الضخمة وإدارة المعلومات. والجديد في مرحلة مجتمع المعرفة تبني إدارة المعرفة للإنسان كمحور اهتمام، واعتباره مصدر المعرفة بما يختزنه من معارف ضمنية، إضافة إلى ما أنتجه وأفصح عنه من معارف صريحة ولذلك فإن مهمة إدارة المعرفة في المنظمات مهمة جداً وتحتاج إلى التغلب على التحديات التي تعترض الطريق وتؤخر نجاحها، وهذا يقود بالضرورة إلى الاهتمام بأخلاقيات المعرفة التي زادت أهميتها مع تسارع تناقل المعارف عبر التقنيات الحديثة، نظراً لتزايد فعالية دور المعرفة في مجالات الحياة. ومن هنا فإن أهمية الدور الذي يقوم به عمال وموظفو المعرفة يكشف عن الحاجة لتأطير مفهوم أخلاقيات المعرفة بمجموعة من القواعد الأخلاقية والسلوكية للممارسة المهنية في مجال إدارة المعرفة ومن أهمها ما يلي: أ- أن تكون المعرفة مصدراً للنفع للآخرين ولا تستخدم في تطوير ما يتسبب في الأذى والتدمير، أو انتهاك الخصوصية. ب- أن تُستخدم المعرفة في التأهيل والتمكين ومشاركة الخبرة وتحقيق المصلحة العامة. ج- ألاّ تُستخدم في ضرر أي جهة أخرى مثل إفشاء أو بيع أسرار العمل. د- أن يتمتع مالك المعرفة بالقيم النبيلة، فثمة علاقة بين المعرفة والأخلاقيات، فإن أخلاق المجتمع العامة هي التي تحكم سلوكيات الأفراد أثناء البحث عن المعرفة، ومن المفترض أن يكون موظفو المعرفة أكثر تقيداً في سلوكياتهم بأخلاقيات مهنة إدارة المعرفة، ولابد من الارتقاء بالمستوى الأخلاقي، بما يوازي مستوى تنامي المعرفة المهنية لأعضاء وممارسي تلك المهنة.