جاءت إحالة مجلس النواب الأسبوع الماضي الرئيس دونالد ترمب إلى المحاكمة أمام مجلس الشيوخ بتهمتي استغلال السلطة وعرقلة عمل الكونغرس، لتدخل الولاياتالمتحدة في منعطف سياسي كبير إذ أصبح الرئيس ترمب ثالث رئيس في التاريخ الأمريكي يطلق بحقه إجراء رسمي لعزله. واعتمد مجلس النواب الذي يهيمن عليه الديموقراطيون بأغلبية 230 صوتاً مقابل 197، توجيه تهمة استغلال السلطة إلى الرئيس الخامس والأربعين. ويشهد الكونغرس الذي سيكون قريبا على موعد تاريخي من هذه المحاكمة حالة من التأهب والاستعداد، إذ يسعى الجمهوريون لإحباط مشروع العزل، وسيكون هذا الإجراء إن تم بمثابة فوز مبكر لترمب لفترة رئاسية ثانية في انتخابات نوفمبر القادم، وستنطلق الإجراءات العملية للعزل بتقديم لجنة الاستخبارات تقريرًا بشأن استنتاجاته إلى اللجنة القضائية التابعة لمجلس النواب والتي سيناقش أعضاؤها الأدلة وسيجرون مقابلات لجمع شهود من طرفهم. وبخلاف مرحلة تقصي الحقائق الأولى، يمكن لترمب ومحاميه المشاركة عبر تقديم شهادات وحضور جلسات الاستماع ومراجعة الأدلة وطرح الأسئلة على الشهود، وذكر ترمب أخيرا أنه قد يكون على استعداد للإجابة عن الأسئلة بشكل مكتوب. وفي نهاية المطاف، ستصوّت اللجنة على مواد العزل الرسمية. ويترأس المحاكمة رئيس قضاة المحكمة العليا بينما ستتشكل هيئة المحلفين من أعضاء مجلس الشيوخ البالغ عددهم 100، أما أعضاء مجلس النواب فسيتولون دور المدعين فيما يدافع محامو الرئيس عنه. لكن إدانة ترمب ستكون صعبة، إذ تتطلب موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ الذي يسيطر الجمهوريون على أغلبية مقاعده. ويتولى رئيس الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل قيادة العملية، وبإمكانه إبقاءها مختصرة بأقل قدر من الشهادات والمناقشات، لتستمر أسبوعين أو أقل. يذكر أن محاكمة كلينتون استمرت ستة أسابيع، وتم خلالها الاستماع لإفادات مزيد من الشهود والأدلة، ومن العوامل المعقّدة للملف أن ستة من مرشّحي الرئاسة الديموقراطيين هم من أعضاء مجلس الشيوخ، وإجراء المحاكمة في يناير قد يعرقل حملاتهم قبيل انطلاق أول الانتخابات التمهيدية في آيوا في الثالث من فبراير. وبحسب المصادر فإن عددا من أعضاء مجلس الشيوخ سيستفيدون من خبرة مُشرعين ومساعدين كانوا شهوداً في إجراءات مساءلة سابقة، وتحديداً في واقعة محاكمة كلينتون، ولا يزالون باقين في مناصبهم، ويسيطر الغموض على الإجراءات المتبعة خلال هذه الجلسة المرتقبة، والآليات المتبعة في هذا اليوم.. وفي التاريخ الأمريكي أحيل إلى المحاكمة في مجلس الشيوخ رئيسان هما آندرو جونسون في 1868، وبيل كلينتون في 1998، وقد بُرِّئ كلاهما، بينما استقال ريتشارد نيكسون قبل أن يصوِّت مجلس النواب على إحالته إلى المحاكمة.. الخلاصة أن ترمب لن يعزل في محاكمة يناير 2020 بسبب سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ.