صديقي أسامة أمين، من حق الصديق على الصديق كلمة، ومن أحقها وأوجبها أن أصدقك القول: لقد أتعبت من حواليك حتى محبيك. حقاً وصدقاً «إن شانئك هو الأبتر»، فمن يعجز الناس عن اللحاق به وبلوغ شيمه وسُموه، شانوه وهونوا شأنه. بأمانة، لم يضاهك أحدٌ في جِدّك واجتهادك وتركيزك وسموك وتساميك وطاقة احتمالك كل عيوب الآخرين، وتفهم ظروفهم واستيعاب أبعادهم وآفاقهم، النقية منها وغيرها. بقيت «أميناً» مع من خونوك، «متسامياً» عمن شوهوك، «معيناً» لمن خذلوك. صرت الأب الحاني، والأخ الكبير والراعي الكريم بينما يفترض بقاؤك ابناً وأخاً صغيراً. حتماً لقد أخطأت بحق نفسك، وفاتك كثير من الأمور، غير أن الله عوضك بما هو أكثر فصرت الأكبر والأنبل والأجدر والأندر باستحقاق الثقة والمسؤولية، وبت مدركاً الواجب وراعياً للحق، لا يهزك هلع ولا يجرك طمع، ولا يغرك سراب. وعليه تسدي نصحاً لا يتبعه الغاوون.. وكل ذي رأي سديد، يستبينون نصحه ضحى الغدِ، وقد تاهوا عن طريق المستقبل، وتخبطوا -بكل تيه وجهل- بحاضرهم كما ماضيهم، وغيبوا عقولهم. كم أحسنت صنيعاً فلقيت نكران الجميل. ولا تزال تصنع وتكتب بفعالك كل جميل. تبلي حسناً، إذ تُفحم بالتي هي أحسن كلما طالك من سوء. وطالما ساءت فعالهم تسوء ظنونهم فيك وما بمقدورهم وطاقتهم إلا أن يجعلوا سوءهم جزاءً لمن يحسن إليهم. وقدر الكبير أن يبقى مع معاناته كبيراً. وأنبل شيم الكبار أن لا يقعوا في ما يقع فيه الصغار. بنبلك ورجولتك -وقد عزتا على غيرك- تبقى أقوى؛ وتقوى على كل شرور النفس البشرية. إياك والندم على ما فعلت، لكن تجنب تكرار الصنيع مع من لا يستحق. وسيضع الله في طريق صنيعك من يكون أهلاً له.