العنوان أعلاه كان رسالة نصية مني بعثتها، قبل 10 سنوات، للدكتور وليد الذي لا أعرف اسمه الآخر، إذ كل ما أعرفه عنه أنه جراح القلب المفتوح في مستشفى القوات المسلحة في جدة. اليوم لا أكتب عن هذا الجراح العظيم، ولكنني أكتبُ إلى «المجروح» الأعظم والدي «مكي» أطال الله في عمره وأبقاه الرحمن سنداً لي تتعكّزُ على بهجته وضحكته المديدة، كالنهر، آمالي بغدٍ أجمل وأكثر ديمومة. أتذكر في عام 2009 أن طبيباً استشارياً اسمه وليد أجرى عملية القلب المفتوح لوالدي الجليل مكي، وكنت غير مستوعبٍ حتى الآن وغداً وإلى يوم القيامة أنهم يفتحون قلب هذا الرجل، لأنني أعرفُ يقيناً أنّ قلبه لم يكن مغلقاً بل كان وظلّ وما يزال وسيبقى مفتوحاً ومشرعاً للجميع يدخلونه ويحتسون قهوته، شايه، ويأكلون أغصانه الخضراء وقبل كل ذلك، كان الذين يعرفون والدي جيداً يدركون أنّ قلبه أخضر ومشاعٌ لهم كل فواكه بستانه الكبير يأكلون منها ما يشاؤون، ويرغبون ويصدحون ما يريدون من أغنيات لأجل ذلك، فيما هو، أي والدي، ربما يعزف لهم أطيب الألحان كيما يكونوا باسمين وهانئين! لن أجد أجمل أو أحقّ أو أرفع أو أصدق أو أفضل من أبي كي أخاطبه الآن بهذه السطور التي أراها الآن تنزرع على أرض الجنة، فقد هاتفني أمس عندما وصل إلى جدة وكان ضاحكاً وسألني: متى ستعود من السفر؟ قلت له: قريباً، ثم أضفت: لا تقلق أبي رتبتُ لك كل شيء، ستجد من يحملك إلى المستشفى التخصصي في جدة كي يطمئننا رئيس قسم القلب على قلبك المفتوح! لا تخف أبي، فلن يغلق قلبك أحد، ولتكن بخير دائماً، فمثل قلبك الكريم لا يليقُ به إلاّ المزيد من الحياة والنبض والحبّ العظيم المستحيل! إني أحبّك، والحياةُ، دونك سيدي، موتٌ غير جميل، موتٌ جبان ووضيع لا يستحقّ حتى الإشارة إليه ولو ببضع إصبع، أو ريشة من جناح! أحبّك أبا علي. وأحترم هذا القلب العظيم الذي تحمله، الذي سيبقى عصيا على الموت في ذاكرتنا، ما دمتَ تضحكُ كالأرض الطيبة!