ضجت شبكات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية بشكاوى المدخنين الذين يؤكدون أن عبوات السجائر الجديدة (مجهولة المصدر) التي تباع في الأسواق منتج مغشوش ويحمل أخطاراً صحية تفوق بكثير أضرار التبغ العادي، فيما رأى بعضهم أن هناك من يحسد المدخن على الموت البطيء، ويريد له موتاً سريعاً عبر تسميمه بالسجائر الجديدة. هذه الضجة وصلت إلى وسائل إعلام عالمية وتناقلتها وكالات أنباء وشبكات دولية في مقدمتها هيئة الإذاعة البريطانية BBC ووكالة أنباء سبوتنيك الروسية وغيرها، والغريب أن تجاوب الجهات المختصة مع الأمر رغم خطورته (إن صح) ما زال دون الحد المطلوب، فعلى الرغم من أن المسألة تدور حول اتهامات جماعية بالغش التجاري قررت وزارة التجارة الهروب إلى الأمام عبر نفيها (بحسب ما نقلته وكالة سبوتنيك) مسؤوليتها عن عبوات التبغ الجديدة المتداولة فى الأسواق، وتأكيدها أن ذلك مسؤولية واختصاص وزارة الصحة وهيئة الدواء والغذاء معلنة أن هذا الدخان مجهول المصدر، ولا يتضمن تاريخ إنتاج، ويجب تحذير الأطفال منه، ويجب أن تكون مكافحته بالطرق العلمية. أما وزارة الصحة فاعتبرت أن شكاوى الدخان الجديد ليست من اختصاصها وإنما من اختصاص هيئة الغذاء والدواء (بحسب ما نقلت عنها مصادر إخبارية). ولم يصدر حتى لحظة كتابة هذه المقالة أي تصريح عن «هيئة الغذاء والدواء» بخصوص القضية وهو أمر مثير للقلق بحق، فإن كانت اتهامات الغش التجاري الموجهة لوكلاء التبغ وموزعيه صحيحة فذلك يعني أننا أمام جريمة خطيرة لاستهدافها أكثر من 20% من سكان المملكة وهم فئة المدخنين بحسب بعض الإحصاءات. بالطبع التدخين آفة مضرة ونتمنى أن يقلع كل المدخنين عنه اليوم قبل الغد، لكن هذا لا يصادر حق المدخن كإنسان ومواطن في حمايته من التسميم الجماعي بالمنتجات الرديئة، كما أن إقبال أي إنسان على التدخين لا يمنح أحداً الحق في حصر الخيارات المتاحة له بمنتج رديء أو مغشوش قد يقتله خلال أشهر، وطالما أن النظام يسمح ببيع التبغ فعلى جميع الجهات ذات الاختصاص أن تحرص على أن لا يدخل إلى المملكة إلا منتج عالي الجودة لتقليل نسبة الخطر المترتبة على تعاطيه، وإلا فهي شريكة في عملية زيادة أعداد المرضى والوفيات الناتجة عن التدخين. في كثير من دول العالم ومنها دول في منطقتنا العربية أنظمة صارمة تمنع وصول منتجات التبغ الرديئة للمستهلكين، وتجبر وكلاء وموزعي التبغ على استيراد منتجات عالية الجودة والنقاء حرصاً على توفير الحد المتاح من الحماية لصحة المدمنين على التبغ، وهذا ما ينبغي أن يُعمل به لدينا، وهو أمر ينسحب على جميع المنتجات المضرة بالصحة، فالسكر على سبيل المثال منتج مضر جداً ولا يقل ضرراً وخطورة عن التدخين، ولكن هذا لا يعني أن نتجاهل بلاغات جماعية عن إغراق الأسواق بسكر مغشوش أو سام لمجرد أننا نرى أن مدمن الحلويات «ذنبه على جنبه»، فهل تفهم ذلك الجهات الهاربة من شكاوى المدخنين وتتحرك للتحقيق في الأمر. * كاتب سعودي Hani_DH@ [email protected]