عندما ترى إنساناً متميزاً، متسامياً في خلقه وأهدافه، قلما تجده لا يقوم بصناعة التميز لغيره ولمن حوله، فتجده لا يدخر وسعاً في سبيل تميز الآخرين، وذلك بالتخطيط والتنفيذ ليصل إلى صناعة ارتبطت منذ الأزل بتحقيق الإنجازات الفريدة التي تُخلد عبر الأزمان والعصور. ولا شك أن الإرث الثقافي للأوطان وجهود سواعد أبنائها يعتبر أحد مصادر بناء المستقبل، ومنبعاً من ينابيع صناعة التميز للشعوب والأمم، ولا شك أن لقطاع التعليم دوراً أساسياً في رفد المجتمع بعقول نيرة، وأيادٍ وفية مبدعة قادرة على تحريك عجلة التميز، وتحقيق الطموحات الوطنية لمستقبل أكثر إشراقاً وتألقاً. وكانت هذه الحال مع مدير عام تعليم جازان سابقاً الدكتور عسيري الأحوس، الابن الوفي للمنطقة، سلك طريق التميز منذ أمد، فتشبع بثقافته، وآمن بأهميته، فحقق التميز، ومن ثم بدأ بصناعته في مؤسسته التعليمية ليتم تصديره، وذلك لأنه آمن قبل ذلك بقدرات أبناء منطقته من إداريين ومعلمين وتلاميذ، ويرى فيهم التميز في كل شيء، وأنهم قادرون على كل شيء، فتمثل قول أبي الطيب المتنبي: وَلم أرَ في عُيُوبِ النّاسِ عيباً كَنَقصِ القادِرِينَ على التّمَامِ فالتميز واستمراريته لديه هو التمام بذاته، ولذلك بدأ بصناعته وتصديره لأبنائه ليصلوا إلى التفرد الذي يمكنهم من الظهور والتفوق ووصولهم لأفضل أداء لديهم، وأفضل ما في مجال تخصصاتهم وعملهم، وأفضل ما لدى الآخرين، وأفضل ما في الوطن، وأفضل ما في العالم من إنجازات. يغرس فيهم الطموح والدافعية والاستعداد للعمل والتركيز على الأهداف والغايات، وعدم الانشغال بصغائر الأمور، واستثمار المهارات والقدرات لأقصى حد ممكن، وتنمية قدراتهم على المشاركة، وخوض التجارب، واتخاذ القرارات، وتحمل المسؤولية، فاختار لمركز التميز أفضل القيادات، واستحدث اللجان الداعمة لكل الفئات، وحثهم على تلبية كل ما فيه سبيل للارتقاء والإبداع، فهو يرى أن التعليم أصبح يشير إلى تعديل شامل وعميق لسلوك المتعلمين والمعلمين والعاملين بهدف استثمار طاقاتهم، وتنمية قدراتهم بأفضل الأساليب وأحدثها، لضمان مستقبل أفضل لهم وللأجيال القادمة، فالتعليم من أجل التميز والإبداع يعد شكلاً من أشكال التعليم المعد لتطوير التفكير الإبداعي لدى الجميع في كل المراحل، فالتعليم من أجل التميز يحتاج قائداً متميزاً، يعطي الجميع فرصة للتميز، يؤمن بمهارات التفكير العليا التي تتيح الفرصة للجميع مستشعراً التحديات التي تواجه طموحاته المستقبلية وتطلعات وطنه، فيقوم بدراسة تلك التحديات مستعيناً بلجان داعمة للتميز وبمجالس استشارية في مختلف فئات عناصر العملية التعليمية، من إدارة وقيادات، إلى معلمين ومرشدين، إلى مصادر تعلم ومختبرات، مسلحين بمهارات التفكير الناقد، ومهارات التفكير الإبداعي ليصل إلى رؤية واضحة، وحلول مميزة، تتسم بالأصالة، وتحقق التقدم والازدهار لتعليم المنطقة ولوطنه الغالي، فذلك كان الرجل يؤمن بأن الجميع قادرون على تحقيق الإبداع والابتكار إذا توفرت لهم مقومات صناعة التميز، فرأيناه أخذ العهد على نفسه بتوفيرها وتقديم حزمة من الخدمات التربوية والتعليمية والثقافية والإرشادية الداعمة. ولن أبالغ إذا ما قلت إن الدكتور عسيري الأحوس من أعظم صناع الإبداع والتميز في المنطقة، ويعد أنموذجاً يتمثل به كل من رغب في صناعة متميزة. [email protected]