تابعنا جميعاً إقرار مجلس الوزراء الموقر برئاسة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- لنظام الجامعات الجديد، والذي يتّضح لقارئه مدى ما يفتح على الجامعات وعلى الوطن من آفاق وفرص مستقبلية واسعة وواعدة. باسمي ونيابة عن منسوبي الجامعة السعودية الإلكترونية، نثمن ونقدر للقيادة مليكاً وولي عهد هذا الامتداد المستمر للاهتمام في كل ما من شأنه رفعة هذا الوطن وتطوير طاقاته وثروته البشرية الشابة تحقيقاً لأبرز أهداف رؤية ولي العهد 2030 وهو دعم شباب الوطن وتأهيلهم ليقودوا الوطن إلى ما لا نهاية له من الأمجاد. وسأتوقف هنا وقفات قصيرة أمام بعض أهم ما تضمنته مواد النظام الجديد وما ستحدثه من نقلة نوعية في مستوى أداء الجامعات وجودة مخرجاتها. إن الجامعات -أياً كانت الجامعة- يُقاس نجاحها من عدمه على مدى جودة مخرجاتها وأبحاثها وخدماتها للمجتمع، ولكي تحقق الجامعة هذه الجودة فإنها بحاجة أكيدة إلى ثلاثة أعمدة تشكل المعادلة الثلاثية لنجاح أي جامعة؛ ألا وهي: المرونة، الشفافية، والرقابة. وهذه الثلاثة هي أبرز ما تدور عليه مواد نظام الجامعات الجديد. فإذا نظرنا إلى التسلسل الهيكلي التنظيمي الذي تم إقراره في النظام الجديد والذي يبدأ بمجلس شؤون الجامعات مروراً بمجلس الأمناء ثم مجلس الجامعة وهكذا تدرّجاً حتى وصوله إلى مجالس الأقسام، وما ينطوي عليه من صلاحيات واسعة وخاصة بكل مجلس، من شأنه أن يضمن للجامعات تحقيق المبادئ الثلاثة التي سلف ذكرها في الفقرة السابقة. فالشفافية التي يضفيها ضرورة وضوح القوائم المالية وكذلك وجود مسؤولية وإشراف مباشر من مجلس على آخر، كل ذلك من شأنه أن يسهل العمل الرقابي، والصلاحيات الواسعة التي تتمتع بها المجالس وما ينبثق عنها تجعل من العمل المؤسسي فاعلاً ومنتجاً نظير ما تحمله تلك الصلاحيات من مرونة تجعل شريان الجامعة نابضاً بالحياة. وبرأيي أن احتواء النظام الجديد لهذه المبادئ الثلاثة يقضي على ما يهدد نجاح المؤسسات وهي البيروقراطية والهدر المالي. كما أن النظام الجديد -الذي يأتي في إطار رؤية 2030 الواعدة- لم يغفل ضرورة مواكبة التحولات الكبرى في إدارة الاقتصاد والموارد المالية؛ فحينما كانت الجامعات تعتمد اعتماداً كلياً على الميزانية الحكومية؛ أصبح لديها -وفقاً للنظام الجديد- استقلالية مالية تتيح لها إنشاء الشركات وإبرام الصفقات وإقامة الأوقاف وتنويع مجالات الاستثمار، فلم تعد تقيّدها بنود الصرف المحددة سلفاً بل ستصبح أكثر قدرة على التنظيم المالي وإيجاد مصادر الدخل التي تتيح لها التميز والتمايز من خلال التنافس في تطوير بنيتها التحتية واستقطاب الكوادر البشرية المتميزة وتجويد مخرجاتها التعليمية وتمويل البحوث العلمية، إضافة إلى برامج خدمة المجتمع وبرامج الدراسات العليا وغيرها، مما يساهم في كفاءة الإنفاق وما ينتج عنه من مخرجات ذات جودة تواكب إمكانياتها وحاجة سوق العمل وتسهم في التوظيف الأمثل للطاقات البشرية بتنوعها مما ينشئ مضماراً تتسابق فيه الجامعات للفوز بالكفاءات السعودية المتميزة. يتواءم ما يطرحه النظام الجديد في تحقيق الكفاءة المالية من خلال الاستثمار الأمثل في المباني مما يتيح المجال أكثر للاستثمار في بناء المحتوى الإلكتروني المتميز القادر على الوصول إلى كل طالب في كل مكان وزمان بأقل التكاليف وبجودة أعلى. ولا ريب في أن النظام الجديد للجامعات سينقل -بإذن الله- بلادنا إلى الريادة العلمية نظير ما توفره مواده من أرض خصبة للابتكار والتأليف والبحث والترجمة والنشر؛ حيث إنه حسب الفقرة السابعة من المادة السابعة للنظام فإن لمجلس شؤون الجامعات «إقرار اللوائح المنظمة للجمعيات العلمية والكراسي البحثية ومراكز البحث والابتكار وريادة الأعمال في الجامعات»، كما أن الفقرة التاسعة من المادة الثالثة عشرة تعطي مجلس الأمناء الصلاحية في «إقرار القواعد المنظمة لدعم البحث العلمي، والابتكار، والتأليف، والترجمة، والنشر». ويتضح مما سبق حجم الاهتمام بالتأليف والابتكار والبحث العلمي، حيث إن مجلس شؤون الجامعات المكون من ممثلي عدة وزارات وكذلك مجلس الأمناء يضطلعان بدور أساسي في دعم الابتكارات والبحوث العلمية والتأليف مما يعطي هذه المجالات قوة و يمهد لها الطريق لتحقق مخرجات غاية في الجودة تصل بجامعاتنا وبشبابنا إلى مزاحمة العالم وبالتالي إلى ريادته -بإذن الله-. كانت هذه نظرة مختصرة في النظام الجديد للجامعات، ولو وقفت أمام كل بند من بنوده لاحتجت إلى صفحات كثيرة، ولكن كما قيل «حسبك من القلادة ما أحاط بالعنق». سائلاً الله أن يبارك في قيادتنا الرشيدة وأن يأخذ بأيديهم إلى ما يصبون إليه من رفعة هذا الوطن الغالي. * مدير الجامعة السعودية الإلكترونية المكلف