بحسب بيانات منظمة السياحة العالمية 2018، فقد بلغت المساهمة الإجمالية لقطاع السياحة في إجمالي الناتج المحلي العالمي حوالى 10.4%؛ بما يعادل 8272.3 مليار دولار. وعلى صعيد أسواق العمل، بلغت المساهمة الإجمالية لقطاع السياحة في إجمالي سوق العمل بالعالم 9.9%؛ أي ما يقدر ب313.2 مليون فرصة عمل؛ أي فرصة عمل واحدة من كل 10 فرص متاحة. وأفاد التقرير بأن إنفاق المسافرين حول العالم بلغ خلال العام الماضي 1.49 تريليون دولار؛ أي ما يمثل 6.5% من إجمالي الصادرات بالعالم، وبلغت الاستثمارات السياحية بالعالم 882.4 مليار دولار بما يعادل 4.5% من إجمالي الاستثمارات بالعالم خلال 2017. كما توقع التقرير أن يصل أعداد الزائرين الدوليين بالعالم إلى 2.09 مليار زائر وأن تزيد مساهمة القطاع السياحي إلى 12.5 تريليون تقريباً بحلول عام 2028. هذه الكعكة الكبرى في الاقتصاد العالمي قررت المملكة العربية السعودية عبر رؤية 2030 التي يقودها الأمير الهمام سمو ولي العهد -حفظه الله- أن تستقطع منها جزءاً معتبراً يتوافق وحجم اقتصادها وإمكاناتها وثرواتها الطبيعية والبيئية والثقافية، وذلك في إطار سعي المملكة الحثيث لإقامة اقتصاد متكامل سواء في الصناعة أو المعادن أو الطاقة البديلة (الشمسية والنووية وطاقة الرياح) أو في قطاعات الخدمات اللوجيستية بعيدا عن تأثيرات سعر النفط العالمي أو استنفاد الحاجة له بظهور بدائل أخرى. ولك أن تتصورعزيزي القارئ أن بلداً بحجم القارة يتمتع بموقع استراتيجي بين قارات العالم الثلاث، فيه صحراء وجبال شاهقة يسقط عليها الجليد طوال العام وغابات ومنحدرات وسهول وسواحل وشواطئ أطول من 2500 كيلومتر، وأكثر من 1280 جزيرة وطقس متنوع في كل الفصول الأربعة، وآثار تمتد من العصر الحجري وحضارات قديمة منذ 5000 قبل الميلاد حتى الدولة السعودية الثالثة. وأكثر من 10 آلاف موقع تراثي وثقافي في البلاد منها 500 ذكرت في الشعر العربي القديم، ونحو 400 موقع آخر ورد ذكرها في السيرة النبوية، وتنوع ثقافي ومعماري وفني وشعبي قل نظيره في دول كثيرة في العالم. وفوق هذا يملك بنية أساسية متينة تخضع أيضاً للتطوير المستمر والشامل لتكون في أتم الجاهزية لاستقبال ملايين السياح، ولديه مشروعات عالمية عملاقة يتم التحضير لها والعمل عليها مثل «نيوم» وجزر البحرالأحمر «أمالا» وأكبر مدينة ملاهي في العالم «القدية» ومشروعات عملاقة لتحديث مدن ومناطق السعودية بأفضل ما توصل إليه التخطيط المدني والحضري في الخدمات والمحافظة على البيئة.. السعودية في نظري تعيد اكتشاف نفسها أولاً قبل كشف كنوزها السياحية، وتقدم نفسها وشعبها من جديد على أنها البلد الذي يكمن فيه أعظم نقاط الجذب في العالم دينياً وسياحياً، وأن لديها من الخيارات ما يجعل الرحلة إليها الرحلة الأعمق صفاء روحياً والأكثر إثارة وجمالاً وتنوعاً.. ولذلك فليستعد العالم والمنطقة لدخول السعودية بقوة في المنافسة على قطاع السياحة الذي يحتل المركز الثالث عادة من جهة مساهمته في الناتج المحلي العالمي، وهذه فرصة كبرى لا ينبغي أن يتركها السعوديون تمر من أيديهم دون أن يكون لهم منها النصيب الأوفر والأكثر حظاً.. * كاتب سعودي dr_maas1010 @