بدا أمين عام «حزب الله» اللبناني حسن نصر الله مرتبكا ومتناقضا، فبينما تسول دعوة المتظاهرين لزيارة الرئيس ميشال عون والحوار معه، شكك في مطالب الانتفاضة الجدية واتهم بعض المتظاهرين بالولاء لمخابرات وسفارات دول أجنبية - لم يسمها-. وقد رفض المتظاهرون ما ورد في خطاب نصر الله واعتبروه خطابا تخويفيا تشكيكيا ومضيعة للوقت، وقال متظاهرون إن تخويفه من الفراغ مجرد «مسرحية» لن تنطلي على أحد، مؤكدين أن دفاعه عن الورقة الاقتصادية التي رفضها الشارع يعكس تجاهله لمطالب الانتفاضة. وفيما تراجع عن تهديداته السابقة بالنزول إلى الشارع لإنهاء الانتفاضة، اعترف في كلمة من مخبئه أمس (الجمعة) أن الحراك الثوري استطاع أن يفرض مطالبه على الحكومة، وكشف مجددا عن نواياه برفضه مطالب المحتجين بإسقاط الحكم والحكومة والرئاسة. وفي دليل على مخاوفه، طالب نصر الله القيادات الحقيقية للانتفاضة طمأنة المقاومة بأن لبنان ليس مستهدفا، وزعم أنه ليس خائفا على المقاومة بل على البلد. وأكد المحتجون أنهم لن ينسحبوا من الشوارع قبل سقوط الحكومة، مؤكدين أن كلام أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، والاشتباكات التي تبعته لا تخيفهم. ودعا المتظاهرون لتظاهرات حاشدة اليوم (السبت) أطلقوا عليها «سبت الساحات». واستبق موالون لحزب الله الخطاب بالاعتداء على المتظاهرين وعلى وسائل الإعلام في ساحتي رياض الصلح والشهداء، رغم دعوته لأنصاره بترك الساحات للمتظاهرين، ما يدل على تخبط في كيفية تعاطيه مع الثورة التي تتمسك بالإطاحة به وكل رموز النظام الطائفي. إلى ذلك، انطلقت حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تقول: «شدّوا أيادي الثورة» ستكون على شكل سلسلة بشرية من صور إلى طرابلس مروراً ببيروت غدا (الأحد)، ما اعتبره مراقبون أنها رسالة واضحة أن الثورة اتخذت قرارها فلا عودة إلى الوراء، ولا مهادنة للعهد، ولا قبول بأي عملية تجميل لوجه السلطة الفاسد والمتغطرس، قبل إسقاط العهد كاملاً بكافة رموزه الحزبية. نبض الشارع اللبناني في اليوم التاسع أمس يؤشر إلى أن قرار مواجهة السلطة قد اتخذ، وأن الثوار لن يشكلوا أي وفد يمثلهم للتفاوض مع أطراف السلطة الممثلة برئاساتها الثلاث. مع الإشارة إلى أن هذا كان مطلب رئيس الجمهورية بأن يتشكل وفد من المحتجين يتحدث باسمهم ليفاوض السلطة. هذا النبض الحي المتدفق يدحض في الوقت الراهن كل السيناريوهات التي بدأت ترسم من أجل توجيه خطوات المتظاهرين. السيناريو الوحيد القائم والذي يمكن نسبه إلى الشارع هو المواجهة حتى الرمق الأخير بإسقاط العهد بكافة رموزه وهياكله الحزبية، وبعد تحطيم وسحق هذه الرموز لكل حادث حديث. الثوار دخلوا حقيقة في مرحلة العصيان المدني، ولبنان بمؤسساته الرسمية والخاصة يعيش شللا لم يسبق له مثيل إبان الحرب الأهلية. وأصابت الاحتجاجات مظاهر الحياة بالشلل في أنحاء لبنان، وأغلق المتظاهرون الطرق ونصب البعض الخيام على الطرق السريعة. وأفاد شهود عيان أن المتظاهرين قطعوا الطرق الرئيسية في بيروت والمؤدية الى المطار ومداخلها كافة. كما قطعت طرق في مناطق عدة شمالاً وجنوباً.