لم يكن أمين المليشيا حسن نصرالله يوما ما حريصا على أمن وسيادة لبنان. ولم يكن حزبه الإرهابي داعما لمصالح الشعب ومستقبله ورفاهيته؛ باعتبار أنه كان ولا يزال أداة هدم لنظام ولاية الفقية الإرهابي، وظل على الدوام يعمل وفق أجندة نظام خامنئي لتدمير مكتسبات لبنان وإنشاء دويلة داخل الدولة واختطاف مؤسساتها الشرعية. وها هو لبنان يدفع ثمن تعنت حزب الله وعرقلة أدواته في الحكومة لأي جهد سياسي أو اقتصادي للإصلاح، وما يحصل اليوم من ثورة في لبنان يتحملها نصرالله وحزبه بامتياز لاستمرار تعطيله جهود الحكومة في وقف الهدر ومحاربة الفساد. وعندما يزعم نصرالله في خطابه أمس قائلا «إن من يتخلى عن المسؤولية يجب أن يحاكم وخصوصا من أوصلوا البلد إلى الوضع الراهن»؛ فإن عليه أن يكون أول من يقدم للمحاكمة بعدما أوصل لبنان إلى هذا الوضع المتردي اقتصاديا وسياسيا بعنترياته وممارساته الخرقاء، ورفض أدواته في الحكومة للإصلاح. وعندما يدعي زورا بأنه لن يسمح بإحراق البلد فإن القاصي والداني يعلم أنه هو من أحرق لبنان وأضرم النيران فيها وحوله لضاحية جنوبية طائفية تعمل لصالح ولاية الفقيه. نصرالله الذي خاطب شعبه من كهفه السري القابع فيه لم يقدّم أي جديد، كما أن حديثه من وراء الشاشة لن يقدم ولن يؤخر. لقد شاهد العالم كيف رفض اللبنانيون حزب الله وأدواته عندما دمر المتظاهرون معقله وحركة أمل، وظهرت هتافات المتظاهرين ضد السياسيين ونصرالله عندما قالوا «كلن يعني كلن.. نصرالله واحد منهم». إن ما يحدث في لبنان ثورة حقيقية أصابت حزب نصر الله بالرعب بعدما ثارت عليه قاعدته الشعبية وأصبحت مناهضة لسياساته، باعتبار أنه المسؤول الأول عما آلت إليه الأوضاع اقتصاديا وسياسيا. لقد وضع رئيس الوزراء سعد الحريري في خطابه أمس الأول جميع القيادات السياسية أمام مسؤولياتها عندما أمهل شركاءه في الحكومة 72 ساعة للاتفاق على مخرج للأزمة الاقتصادية الطاحنة التي دفعت اللبنانيين إلى الانتفاض في سابقة هزت الضاحية الجنوبية لحزب الله ومناطق نفوذ حركة أمل. وهو ما اعتبره مراقبون قلبا للطاولة على الجميع، وفضحا للشركاء وممارساتهم التي عطلت القرار اللبناني ودفعت الأمور إلى هذا النفق المظلم. ما قاله نصرالله في خطابه الممجوج ينطبق تماما عليه المثل الدارج «رمتني بدائها وانسلت». لقد أحرق لبنان وهو الآن يمشي في جنازته.