رزق النجابة من نقاء ضميره، فاستوقف الناس الشعاع البادي، رحمك الله أخي عبدالرحمن، كان ينتخل أقواله انتخالاً وينتقي ألفاظه انتقاءً، ويحيط تصرفاته بالإحساس الوافي، والشعور العميق والمدرك لمعنى تحمل المسؤوليات التي ساقه القدر في يوم ما لتحملها، ذلكم نعم هو أخي الغالي الأمير عبدالرحمن بن عبدالله السديري، الذي ودع الحياة تاركاً في نفوسنا أبلغ الأثر ليس لكونه فقط أخاً عزيزاً يعز علينا أن نفارقه كبقية الإخوة والأحبة والأعزاء الذين أسفنا وحزنا لرحيلهم وغيابهم كثيراً، ولكنه كان أيضاً من فروع فصول المدرسة الممتدة التي استقت جل المهارات من مدرسة مؤسس هذا الكيان الشامخ الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه الذي أثّر بمهاراته وذكائه في كافة المحيطين به، حتى من غير أبنائه البررة ومع كل الذين عملوا معه، ولاشك أن لالتصاق أخي عبدالرحمن يرحمه الله بوالدي الأمير عبدالله السعد السديري أمير منطقة المدينةالمنورة سابقاً حينها الأثر البالغ في صقل مهاراته القيادية والتربوية، ولم يكن وقتها في معزل عنا، بل كان يحاول جاهداً نقل مهاراته وتجاربه المفيدة وتعويدنا على مجابهة الظروف وكافة التحديات وتحمّل الصعاب والتصدي لتحمل المسؤوليات واحترام الناس كبيرهم وصغيرهم، والتعامل مع كافة شرائح المجتمع وفهم فلسفة الإدارة ومجاملة الناس وفن مقابلتهم واحترامهم والتواضع وخفض الجناح لهم، هذا ما تعلمناه حقيقة منه، لقد كان يرحمه الله بارع الحس لماحاً يُجيد التقاط الإشارة بدرجة عالية جداً لما وهبه الله من مواهب ومضامين أفادته في زرع الفضائل في إخوته كحسن الإمارة وفهم الإدارة والتحلي بالشجاعة والكرم وفهم ما يدور في دهاليز السياسة والعالم من حولنا. كان يرحمه الله كَمًّا زاخراً تعلمنا منه بالممارسة أبلغ تعليم أثناء اصطحابنا معه للبر وفي بعض من أسفاره وهو بذلك إنما يريد أن يوحي لنا بتصرفات عملية تطبيقية واقعية لا تركن إلى الدعة والدلال، والحياة الناعمة، بل لما ينبغي ويجب أن نكون عليه من منطلق أهمية موقعنا ومكانتنا في الدولة التي هي بالطبع معروفة للجميع. كُنت أرى في أخي الأمير عبدالرحمن أثراً مهماً في حياتي كلها وكنت مديناً له بالكثير مما اكتسبته في الحياة العملية والتطبيقية وهذا هو ما يجب أن يفعله الأخ دائماً مع أخيه حتى تصقل العقول بالحكمة وبالصبر والأناة والحلم ونقل التجارب واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب وهكذا يجب أن تنقل التجارب لتستمر الرسالة وفق الأسلوب الأمثل. واليوم ونحن نتذكره ونترحم عليه طويلاً ستظل سيرته الطيبة مذكِّرة لنا على الدوام بأخ عزيز فاضل افتقدناه بعد أن أحاطنا بشتى ضُروب الرعاية والعناية الأخوية الكريمة. وهنا لا يسعني إلا أن أتقدم إلى مقام سيدي خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين، وإلى أمير منطقة المدينةالمنورة ونائبه وإلى كافة أفراد الأسرة المالكة بوافر الشكر والاعتزاز والتقدير على العناية والرعاية الكريمة والسؤال المستمر عن صحته حتى تَوفاه الله، وبمواساتنا بعد رحيله يرحمه الله، والشكر موصول لكل من واسانا في وفاته يرحمه الله حضورياً أو هاتفياً أو كتابياً أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، سائلاً الله أن يتغمد فقيدنا الغالي بواسع رحمته وغفرانه، وأن يرحم جميع موتى المسلمين، «إنا لله وإنا إليه راجعون».