سبحان القائل في محكم كتابه «تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء»، فقد خص رب العزة والجلال المملكة العربية السعودية بنعمه وفضلها على جميع دول العالم لتكون أرض الحرمين الشريفين وقبلة 1.5 مليار مسلم، 2016 «حسب صحيفة الحياة». وبذلك تشرفت المملكة باحتضان أطهر بقاع الأرض. هل بعد هذا الشرف شرف؟ لم تملك المملكة خياراً إلا التفرد حكومةً وشعباً لخدمة الحجاج. فسخرت جميع إمكانياتها الضخمة كواحدة من أكبر دول العالم إنتاجاً للطاقة ومن الدول العشرينية لخدمة الحرمين الشريفين. وصاغت المملكة رؤية لتحول رحلة الحج الشاقة إلى رحلة تبقى ذكرى مميزة ورائعة في ذاكرة الحاج تحقق له الرضا وتجعله سفيراً ينقل للعالم جهود المملكة في خدمة ضيوف الرحمن. وخلقت المملكة لذلك أنموذجاً فريداً من نوعه على مستوى العالم بتطوير خدماتها المقدمة ل2.400 مليون حاج وهو الأعلى منذ عام 1434ه حسب إحصائية هيئة الإحصاء، في حج كان عنوانه لا مستحيل في خدمة ضيوف الرحمن بتسخير التقنيات والبرمجيات والذكاء الاصطناعي لخدمة الحجيج. تحدت المملكة العالم في مبادراتها التي لا يمكن أن تتكرر وتجاوزت الدول العشرينية و(الهياط) الإعلامي من بعض الدول وحطمت وزاراتها الأرقام القياسية. على سبيل المثال لا الحصر ففي العام الذي تقوم به الدول بتعقيد إجراءاتها الاحترازية والاحتياطات الأمنية لمنح تأشيرة دخول إلى بلدانها والتي تتطلب وقتاً إضافياً من 10 أيام عمل إلى 20 يوم عمل، تفاجئ المملكة الجميع بتسهيل إجراءات الدخول للحجاج بإصدار تأشيرات إلكترونية ل 1.8 مليون حاج عبر جميع بعثات المملكة وبعثات الحج المؤقتة في الدول التي لا يوجد للمملكة فيها تمثيل دبلوماسي أو قنصلي دائم. وهنا نرى استخدام التقنيات المتطورة التي تربط ديوان وزارة الخارجية بالبعثات الرسمية والمؤقتة والذي أسهم في الإنجاز السريع. واستخدمت وزارة الصحة لأول مرة Robo Doctor لتقديم الاستشارات الطبية بين الأطباء في المستشفيات والمراكز الصحية في منى ويسهل للأطباء قراءة العلامات والمؤشرات الإكلينيكية. ويأتي التفرد والتميز من وزارة الداخلية بإنجاز استثنائي على مستوى العالم، والذي لا يمكن أن يطبق على أرض الواقع كونه مستحيلاً في ظل الجرائم السيبرانية وهي مبادرة طريق مكة. ففي الوقت الذي تقوم فيه الدول بتأمين الأجهزة المادية بوضعها في أماكن آمنة داخل منشآتها وفي داخل دولها حتى لا تصل أيادي مجرمي التقنية للمعلومات الحساسة، تقوم المملكة بتركيب أجهزتها الحساسة في الدول الصديقة لتسجل البصمات الحيوية للحجاج وتربطها بقواعد البيانات في الرياض لإنهاء إجراءات ما يقرب من 240.000 حاج من باكستان وبنغلاديش وماليزيا وإندونيسيا وتونس. كما تخفض وقت إنهاء إجراءات دخولهم للمملكة إلى 3 دقائق في مطارات دولهم. وفي الوقت التي تسعى الدول لتخفيض وقت الانتظار لإنهاء إجراءات الدخول في مطاراتها الدولية، تأتي المملكة لتلغي الطوابير في مطاراتها الدولية وتنهي مفهوم ثقافة الطوابير للحجاج المستفيدين من مبادرة طريق مكة. وتقوم بتحويل الرحلات الدولية من هذه المطارات إلى رحلات داخلية. وهنا يكون الابتكار والإبداع وتسخير التقنية لخدمة الحجاج عابرة القارات وتحول خدمة الحجاج إلى Supper VIP. وبذلك يتفوق الإنجاز السعودي على الإنجاز الروسي الذي سمح للأجانب الدخول إلى روسيا دون الحصول على فيزا لحضور مباريات كأس العالم لعام 2018، ولكن بتسجيل بصمة الوجه وظل الروس يتشدقون بهذا الإنجاز إلى أن جاءت مبادرة طريق مكة لتحطم مبادراتهم. وتبقى بطاقة الحج الذكية حكاية أخرى تم توزيعها على 150 ألف حاج كمرحلة تجريبية تشمل بيانات الحاج الشخصية وإرشاد الحاج لموقع سكنه وبيانات مكتب الخدمة والتحكم في الدخول والتعرف على الشخصية والملف الصحي للحاج. جميع هذه النجاحات تسجل للقيادة الحكيمة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين. وتؤكد نجاحات حج هذا العام القرار الحكيم من خادم الحرمين الشريفين باختيار الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف وزيراً للداخلية ورئيساً للجنة الحج العليا، الذي كان يعمل ليلاً نهاراً. فقد أثبت نجاح هذا الحج أنه قائد ذو مواصفات نادرة ويستحق بكل اقتدار بأن يقود هذه الوزارة العملاقة التي توازي مسؤولياتها مسؤولية دول كبرى، كيف لا وهي الركن الأساسي والعمود الفقري لتحقيق الأمن والسلم الدوليين ومسؤولة عن أمن الحرمين الشريفين. إنه أمير الأفعال يعمل بصمت ولا يبحث عن الأضواء ورغم مسؤولياته الضخمة إلا أن الابتسامة لا تفارقه ويجمع بين الحلم والأناة ودماثة الخلق والفراسة وهو أمير التواضع. نعم الاختيار ونعم السفير للأسرة الحاكمة وللشعب السعودي وصدق القائل في محكم كتابه «إنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ». نجاح سموه في إدارة حج هذا العام أفشل مخطط خامنئي لمحاولة إفساد الحج في هاشتاق #الكعبة_تجمعنا بتاريخ 8 ذي الحجة 1440ه قبل وقفة عرفة بليلة لمحاولة حشد المسيرات خلال الحج بحجة نصرة قضية فلسطين والبراء من المشركين. وأفسد على أعداء المملكة فرحتهم ظناً منهم أن إيران ستحرج المملكة في الحج أمام العالم. هذا النجاح السعودي الكبير أجبرهم أيضاً على تغيير إستراتيجيتهم فكان لهم أن ينساقوا ويفرحوا بالركض خلف نجاحات وهمية، عندما اتجهوا إلى محاولة ضرب العلاقات السعودية الإماراتية وفرحوا فرحاً شديداً باستهداف الحوثيين المحدود لحقل شيبة ظناً منهم أنهم حققوا نصراً كبيراً ومحاولة منهم لإفساد فرحتنا بنجاح الحج الذكي الذي أدخل الفرح والبهجة في قلوب الحجاج. ثمة بقية مهمة جداً لتسخير التقنية لخدمة الحجاج، حتماً سيكتبها ويُسطّرها السعوديون في الأعوام القادمة للوصول إلى الحج الذكي ومكة الذكية بقيادة رئيس لجنة الحج العليا. * عضو الأكاديمية الأمريكية للطب الشرعي - استشاري الأدلة الرقمية Dr_Almorjan@