قبل أيام انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لراهب برازيلي أبدى استياءه من الفتيات ذوات الوزن الزائد، وصرح بأنهن لن يحظين بفرصة دخول الجنة، على حد قوله، الكلام غير المتوقع من الراهب أشعل غضب إحدى الفتيات السمينات، فما كان منها إلا أن اندفعت نحوه ودفعته من فوق المسرح بكامل قواها البدنية لا العقلية، وعلى الفور سقط أمام الجمهور كسقطة لسانه المتقدمة. ربما كان انتقاده للسمينات نتيجة ما نراه من أمراض انتشرت بسبب السمنة المفرطة وبدافع الحرص عليهن كي يستدركن الأمر، ومع هذا فالحق أن كثرة النقد لهن جعلت نظرة الناس تنساق نحو النُحل والنحيلات من مقياس للصحة إلى مقياس للجمال وليس بشرط، وعلى فرض أن السمينة في هذه الأزمان غير مقبولة فمن المعلوم أن هذا الأمر لم يكن رغبة منها ولا باختيارها فلكل إنسان جسده وطبيعته في عملية الأيض وزيادة الوزن ونقصه، ومع هذا لو نظرنا إلى العالم من حولنا لرأينا أن السمينة تعيش حياتها طبيعية كالأخريات متمتعة بجميع حقوقها، فالوزن الزائد لا ينظر إليه كعائق إلا في حالتين هما الزواج والصحة، ومع هذا فشريحة كبيرة من الرجال يفضلون ذوات الوزن الزائد على النحيلة، وكثيرٌ منهن صحتها جيدة ولا تعاني من أمراض مزمنة قد يعاني منها النحيلات. ومن جميل ما يروى من قصص السمينات أن زوجة الملك النعمان بن المنذر، ويقال لها المتجردة، كانت من أجمل نساء ذلك الوقت وكان زوجها النعمان يسهر كل ليلة برفقة ندمائه، وفي ليلة من الليالي خرجوا إلى حديقة القصر وفي تلك الأثناء كانت المتجردة في الحديقة ولم تكن على علم بوجود النعمان ورفاقه، ولما ظهرت عليهم فجأة حاولت أن تستتر عنهم إلا أن نصيفها -وهو ما يغطي الرأس والوجه من خمار ونحوه- قد سقط منها دون قصد، فما كان منها إلا أن تناولت النصيف بيدها وغطت وجهها بذراعها وقد كانت سمينة بحيث يغطي ذراعها كامل وجهها، ولقد كان مقياس الجمال في تلك الحقبة المرأة السمينة. فلما رأى النعمان هذا الموقف من زوجته لم يغضب منها وأخذ يضحك وقال للشاعر النابغة الذبياني وقد كان من الحاضرين: والله يا أبا ثمامة إن ما حدث يستحق منك قصيدة فلما كان اليوم التالي أنشده النابغة قصيدته الطويلة والمشهورة في وصف المتجردة التي يقول في ثناياها: سَقَطَ النَصيفُ وَلَم تُرِد إِسقاطَهُ فَتَناوَلَتهُ وَاِتَّقَتنا بِاليَدِ... إلخ فكانت من أجمل قصائد المدح والوصف التي خلدت جمال السمينات والحقبة الذهبية لهن.