أكد بيان مشترك للمملكة وجمهورية كوريا، صدر أمس (الخميس) بمناسبة الزيارة الرسمية لولي العهد إلى كوريا الجنوبية، أن ولي العهد والرئيس الكوري، ناقشا جهود المجتمع الدولي لمكافحة التطرف والإرهاب واتفقا على أن الإرهاب قضية عالمية لا ترتبط بجنسية أو دولة أو دين معين، وأدانا بشدة الإرهاب بكافة أشكاله. وأشاد الرئيس الكوري مون جيه إن بقيادة المملكة ودورها النشط في دعم الحلول السياسية للنزاعات في منطقة الشرق الأوسط، فيما أدان الجانبان الهجمات الصاروخية الحوثية التي استهدفت المطارات المدنية في المملكة وهددت سلامة المدنيين وأمنهم، ومجموعة الهجمات التي استهدفت ناقلات النفط والتي من شأنها تهديد أمن الطاقة واستقرار المنطقة. ودعا الجانبان المجتمع الدولي لاتخاذ إجراء حازم لحماية حرية الملاحة في الخليج العربي وخليج عمان ومضيق هرمز وجميع المياه الدولية وضمان سلامة إمدادات الطاقة. وقال البيان إن الرئيس مون جيه إن عقد مع ولي العهد مناقشات عميقة حول مستقبل تطوير العلاقات الثنائية، إلى جانب القضايا الإقليمية والدولية، وتم الاتفاق على توسيع نطاق التعاون بين المملكة وجمهورية كوريا في جميع جوانب العلاقات الثنائية. وحسب البيان أعرب الرئيس الكوري وولي العهد عن رضاهما حول توسيع مجالات التعاون الثنائي لتشمل مختلف المجالات بما في ذلك مجالات الرعاية الصحية والخدمات الطبية وتقنيات التواصل والمعلومات والثقافة والتعليم بما يتوافق مع رؤية 2030، إدراكاً منهما لأهمية الشراكة الإستراتيجية التي تطورت بالدرجة الأولى عن طريق نطاق الطاقة والبنية التحتية منذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في 1962. وأكد الرئيس مون جيه إن، دعم الحكومة الكورية لرؤية 2030 السعودية، التي تمضي قدماً بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي العهد، واتفق الجانبان على وجود اهتمام مشترك بينهما، ألا وهو تعزيز شراكات رؤية 2030 عن طريق لجنة الرؤية السعودية الكورية 2030، كما اتفقا على تسريع وتيرة التعاون لتحقيق تلك الرؤية عن طريق الجهود التي تتضمن إنشاء مكتب تحقيق الرؤية في (سيئول والرياض). تعزيز التعاون في الاقتصاد الجديد اتفق الجانبان، وفقاً للبيان، على تنويع وتوسيع التعاون الثنائي في مجال الصناعات الجديدة التي تلبي احتياجات حقبة الثورة الصناعية الرابعة، وعلى وجه الخصوص، اتفق الجانبان على أن الدولتين ستبذلان جهوداً مشتركة لخلق فرص وظيفية للشباب في الدولتين، في مقدمتها مجالات الصناعة الحديثة المستقبلية كالسيارات الصديقة للبيئة وصناعة الروبوتات وتقنية المعلومات والتواصل وتقنيات شبكة الجيل الخامس. وفي ضوء ذلك، رحب الجانبان بتوقيع عدد من مذكرات التفاهم واتفاقية برنامج تنفيذي في هذه الزيارة، متضمنة مذكرة تفاهم للتعاون في مجالات السيارات واتفاقية برنامج تنفيذي في مجال صناعة الروبوتات ومذكرة تفاهم في مجال تقنية معلومات الاتصال ومذكرة تفاهم تتعلق بالتعاون في مجال اقتصاد الهيدروجين. وأعرب الجانبان عن أملهما في زيادة توسيع التعاون في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية، ورحبت المملكة بمشاركة الشركات الكورية في مناقصة مشروع بناء أول محطة توليد طاقة نووية تجارية في السعودية، كما أكد الجانبان على أهمية استمرار التعاون وبناء القدرات البشرية في البحث والتطوير النووي والمناطق التنظيمية. توسيع الاستثمار المتبادل أوضح البيان اتفاق الجانبين على بذل الجهود لزيادة الاستثمار المتبادل من أجل توسعة الاستثمارات التي تعود بالنفع على الجانبين، مع الأخذ في الاعتبار الإمكانيات الكافية لتوسيع الاستثمار المتبادل الذي يعكس مستوى التعاون الاقتصادي وحجم التجارة بين البلدين، كما اتفق الجانبان على العمل معاً لإنجاح المشاريع الضخمة التي تسعى المملكة لتحقيقها ك «مشروع البحر الأحمر» و«نيوم» ومدينة «القدية الترفيهية». وأشاد ولي العهد والرئيس الكوري بتوسعة مشروع شركة «إس أويل s-oil» وافتتحا معاً المشروع بعد توسعته، وبلغ حجم الاستثمار فيه 4.2 مليار دولار أمريكي مما سيعزز من ربحية شركة «إس أويل» وقدرتها التنافسية. فيما رحب الجانبان بأن يكون التركيز في مرحلة التوسعة القادمة ل«إس أويل» على زيادة إنتاج البتروكيماويات وتوظيف تقنية جديدة تعرف ب«تحويل النفط الخام إلى منتجات كيميائية بالتكسر الحراري Thermal crude to chemicals» والتي طورتها شركة أرامكو السعودية، ويبلغ حجم ذلك الاستثمار حوالى 6 مليارات دولار تقريباً. وأشاد الرئيس مون جيه إن باهتمام الجانب السعودي للاستثمار في جمهورية كوريا، خصوصاً في مجالات الطاقة والتكرير والبتروكيماويات، ونشأ عن ذلك الاهتمام أخيراً استثمار «أرامكو السعودية» في شركة «هيونداي أويل بنك» لتكرير النفط، إذ تسعى شركة أرامكو إلى توسيع نطاق أنشطتها، وخاصة في مجال البتروكيماويات، ما يعكس اهتمام كلتا الدولتين بتوسيع الاستثمارات المشتركة. فيما أشاد الأمير محمد بن سلمان بتزايد عدد الاستثمارات والشراكات الكورية المرتبطة بها في المملكة، مشيراً إلى مساهمة الشركات الكورية في المشاريع الكبرى لرؤية السعودية 2030، كمشاركة شركة «هيونداي للصناعات الثقيلة» في مجمع الملك سلمان للصناعات والخدمات البحرية في رأس الخير، ومشاركة شركة «الكهرباء الكورية للطاقة» في مشاريع الطاقة الأساسية في المملكة. قال البيان إنه مع ملاحظة أن الدولتين عضوان في مجموعة ال20 وتسعيان ليس فقط للتنمية الاقتصادية بل إلى تعزيز نوعية الحياة لكل فرد من شعبيهما كأهداف وطنية، بالتالي اتفق الجانبان على توسعة التعاون في مجال الخدمات العامة، مثل الرعاية الصحية والخدمات الطبية والخدمات الحكومية الإلكترونية والإحصائيات وبراءات الاختراع. ورحب الجانبان بتوقيع عدد من مذكرات التفاهم، بما في ذلك برنامج الإستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال التأمين الصحي، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال الحكومة الإلكترونية، ومذكرة تفاهم للتعاون المتبادل في مجال رقابة المؤسسات المالية، كما اتفق الجانبان أيضاً على مواصلة تعزيز التعاون في مجالات الدفاع والشؤون الدبلوماسية والصناعات الدفاعية تأكيداً منهما على أهمية حفظ السلام والأمن والاستقرار في البلدين. وأكدت المملكة باعتبارها أكبر مصدر موثوق في العالم للنفط التزامها بالسعي لاستمرار تدفق إمدادات النفط السعودي للأسواق العالمية، وتلبية احتياجات كوريا المتزايدة من خام النفط والمنتجات البترولية على وجه الخصوص، والتعويض عن أي نقص قد يحدث نتيجة أي حالات انقطاع للإمداد من مصادر أخرى. وضع أسس للتعاون المستدام شدد الجانبان، حسب البيان، على أهمية التواصل بين شعبي البلدين من أجل ترسيخ أسس التعاون المستدام، واتفقا على ضرورة توسيع التبادلات المشتركة بين الشعوب، وكذلك بين الثقافات بشكل يتجاوز العلاقات الثنائية الحالية التي تركزت على التعاون الاقتصادي، وعلى وجه الخصوص أعرب الجانبان عن أملهما في أن تسهم مذكرات التفاهم التي تم توقيعها خلال هذه الزيارة والتي شملت التعاون في مجالات الثقافة والسياحة والرياضة ومجال الحماية الاجتماعية وإدارة الموارد البشرية والخدمة المدنية، والتي يؤمل أن تسهم في تعزيز التبادل الثقافي والشعبي بين البلدين، وبناء أساس تعاون يمكن أن يستمر للأجيال القادمة. كما رحب الجانبان بمذكرة التفاهم حول تسهيل إصدار تأشيرات الزيارة للمواطنين والتي دخلت حيز التنفيذ منذ فبراير الماضي، وتطلع الجانبان أيضاً إلى تعزيز التبادلات والتعاون بين القطاع الخاص وشعبي البلدين من خلال نظام الإقامة المميزة، الذي أعلنت عنه المملكة أخيراً. واتفق الجانبان على توسيع نطاق فرص زيادة التبادلات الثنائية بين جيل الشباب في البلدين باعتبار بناء قدرات الشباب مجالاً رئيسياً في التعاون الثنائي، والعمل معاً بشكل وثيق في مجال التعليم، كتوسيع التعاون بين المعاهد الأكاديمية، كما اتفق الجانبان على تعزيز تبادل المنح الدراسية وفرص التعليم وتشجيع الزيارات الطلابية وترجمة المواد العلمية والأدبية المميزة ونشرها في الصحف العلمية. شراكة السلام والاستقرار لفت البيان إلى أن الطرفين أشادا بالتقدم المحرز في عملية السلام في شبه الجزيرة الكورية والجهود التي تبذلها جمهورية كوريا من أجل المصالحة وتعزيز الثقة وإزالة الأسلحة النووية تماماً لتحقيق السلام الدائم في شبه الجزيرة الكورية، مما سيسهم في تعزيز الأمن والسلم الدوليين. وفي هذا الجانب أشاد ولي العهد بجهود فخامة الرئيس مون جيه إن ورحب بالقرارات الواردة في إعلان «بانمونجوم» وإعلان «بيونغ يانغ» المشترك الصادر عن رؤساء الكوريتين، والتي ستسهم بلا شك في تحقيق السلام والازدهار في شبه الجزيرة الكورية والعالم بأسره. وأشار الأمير محمد بن سلمان والرئيس مون جيه إن إلى حالة الجمود في عملية السلام الفلسطينية، وطالبا المجتمع الدولي باستعادة عملية السلام وفقاً لمبادرة السلام العربية والقرارات الدولية التي تدعم الجهود المؤدية لتسوية سلمية للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين. وشدد الجانبان على أهمية إيجاد حل سياسي في اليمن وفق قرار مجلس الأمن رقم (2216) لعام 2015، والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني، والالتزام بتنفيذ اتفاق «ستوكهولم» وأهمية الانخراط البنَّاء مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة لدى اليمن لتسريع تنفيذ الاتفاق، وإزالة أي عوائق أمام عمل المنظمات والهيئات الإغاثية والإنسانية، وأكد الجانبان على دعمهما للحكومة الشرعية اليمنية ومؤسساتها للمساهمة في عودة الأمن والاستقرار إلى اليمن والمحافظة على وحدته واستقلاله وسيادته وسلامة أراضيه. وتطلع الجانبان لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية بما يتوافق مع المبادئ التي ينص عليها كل من «بيان جنيف» بتاريخ 30 يونيو 2012، والبيانات المشتركة فيما يتعلق بنتائج المحادثات متعددة الأطراف حول سوريا، المنعقدة في فيينا بتاريخ 30 أكتوبر 2015، بالإضافة إلى بيان المجوعة الدولية لدعم سوريا بتاريخ 14 نوفمبر 2015، وقرار مجلس الأمن رقم (2254) في 2015، لإنهاء معاناة الشعب السوري والحفاظ على وحدته وسلامة أراضيه. واتفق الجانبان، ممثلين في ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والرئيس مون جيه إن، في سعي منهما إلى التطبيق الناجح لكافة المسائل التي اتفقا عليها، على تعزيز قنوات التواصل الحالية مثل: اللجنة السعودية الكورية المشتركة، ولجنة رؤية السعودية الكورية 2030، بالإضافة إلى تعزيز التعاون في مجال الدفاع على مستوى نواب الوزراء من خلال لجنة التعاون التي أنشئت هذا العام. وأشار البيان إلى أن الجانبين وقعا 14 مذكرة تفاهم بين الحكومتين في مجال تقنيات الاتصال والمعلومات، والحكومة الإلكترونية والسيارات، وفي مجال اقتصاد الهيدروجين، والتأمين الطبي، والثقافة، وحقوق الملكية الفكرية، وعمليات الشراء العسكرية، والتعاون بين مراكز الفكر في مجال الاقتصاد والمؤسسات المالية، وفي مجال السياحة والرياضة. وأعرب ولي العهد عن امتنانه لحفاوة الاستضافة من جانب الرئيس مون جيه إن خلال زيارته لكوريا، كما وجه الدعوة إلى الرئيس الكوري لزيارة المملكة في وقت ملائم لكلا الجانبين، وقد اتفق الجانبان على عقد اجتماعات عديدة لمناقشة سبل تطوير الشراكة الإستراتيجية التي تجمع الدولتين.