تعكس زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز التي تبدأ غدا رسميا إلى كوريا الجنوبية، حيث يرأس سموه وفدا سعوديا سياسيا واقتصاديا واستثماريا رفيعا؛ حرص المملكة على تعزيز دبلوماسية التوجه نحو الشرق والتي أطلقها أخيرا، مع دول شرق آسيا كون الرياض التي تعتبر قوة إقليمية وعالمية اقتصادية وسياسية ومحورية؛ تسعى لتعميق تحالفاتها الإستراتيجية، وتنويع خياراتها الاقتصادية، وجذب الاستثمارات، وفي سياق الرؤية 2030 فضلا عن حرص المملكة لدعم الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم والتصدي للإرهاب الطائفي وتحقيق الأمن والسلم العالمي وتأمين ممرات الملاحة البحرية. وبحسب مصادر كورية جنوبية فإن الأمير محمد بن سلمان سيعقد اجتماعا مع الرئيس الكوري مون جيه إن، يوم غد الأربعاء خلال زيارته التي ستستمر يومين ويناقش معه سبل توسيع التعاون الثنائي بين البلدين لتشمل قطاعات صناعية جديدة من ضمنها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والسيارات الصديقة للبيئة والصحة والدفاع. وأعدت الرئاسة الكورية الجنوبية، والمعروفة ب«تشونغ وا داي» أو ما يُعرف بالبيت الأزرق وهو المبنى السياسي الأهم في كوريا، حيث المكتب التنفيذي والمقر الرسمي لرئيس جمهوريّة كوريا الجنوبية؛ العدة لإقامة حفل استقبال ضخم لولي العهد والوفود المرافق له، حيث ستتم دعوة رؤساء الشركات الكبرى في كوريا الجنوبية، بما في ذلك سامسونج وهيونداي وإل جي. كما سيشهد سمو ولي العهد والرئيس الكوري الجنوبي التوقيع على سلسلة من الاتفاقيات الثنائية ومذكرات تفاهم لتعزيز التعاون في مجالات تشمل مجالات الطاقة والتعاون الاستثماري والاقتصادي والتقني والمعلوماتي والنفطي. ولم تستبعد المصادر، أن تطرح حكومة كوريا الجنوبية مشروع إنشاء مركز بحوث مشترك للطاقة النووية السلمية مع المملكة؛ من أجل تعزيز التعاون بين البلدين في هذا الجانب. ومن المتوقع أن يقوم الأمير محمد بن سلمان بزيارة الوكالة الوطنية الكورية للبحث والتطوير في تكنولوجيا الدفاع وسيشارك في افتتاح ثالث أكبر مصفاة في كوريا تمتلكها شركة أرامكو السعودية. ومن المرتقب أن يتم خلال الزيارة أيضا عقد اجتماعات بين وفد المملكة الاقتصادي المرافق لولي العهد وقادة الشركات الكورية. ومن المتوقع أيضا أن يحضر ولي العهد، حفلا بمناسبة إنجاز منشأة ترقية مخلفات S Oil، والتي تعد ثالث أكبر مصفاة نفط في كوريا وتملكها بالكامل شركة أرامكو الوطنية. ودبلوماسية التوجه نحو الشرق التي بدأها ولي العهد بزيارة باكستان والهند والصين العام الحالي، لا تعني بالنسبة للدبلوماسية السعودية إدارة الظهر للغرب، بل تعني تكريس دبلوماسية التنوع والتوازن في سياق المتغيرات شرقا وغربا، وترسيخاً لحقبة جديدة من الشراكات الإستراتيجية، بما يخدم المصالح المشتركة، ونقاط القوة والتوافق الكبير الذي يربط حكومة كوريا الجنوبية مع المملكة، سياسيا واقتصادياً وصناعياً، إذ إن واقعية الدبلوماسية السعودية، تدرك أن إقليم شرق آسيا يمثل أهمية كبرى على خارطة العالم، ويعد من أهم مسارات التجارة والطاقة، وأكثرها حيوية وتأثيراً في الاقتصاد العالمي، وذلك بسبب الموقع الجغرافي لدول الإقليم، والكثافة السكانية العالية، والصعود السياسي والنمو الاقتصادي لتلك الدول. ويرى مراقبون كوريون جنوبيون أن زيارة ولي العهد إلى كوريا الذي يصل إلى سيول اليوم الثلاثاء؛ ويبدأ نشاطاته الرسمية غدا الأربعاء، تكتسب أهميتها من الدور المحوري المؤثر في مسار العلاقات السعودية الكورية الجنوبية، في ظل حرص المملكة على تنويع شبكة التحالفات والشراكات الفاعلة مع مختلف دول الشرق الأقصى، ومنها على وجه الخصوص، كوريا الجنوبية. وأشارت مصادر كورية جنوبية إلى أن الأمير محمد بن سلمان أصبح رمزا شبابيا طامحا، من رموز التقدّم والتطور في العالم، وصاحب رؤية إستراتيجية قائمة على فكر إستراتيجي استثماري متنوع، ويعمل على تكريسه في بناء مملكة حديثة وقوية، سياسياً واقتصادياً وأمنياً وعسكرياً واقتصاديا، وهو ما يجعله في حال حراك داخلي وإقليمي ودولي متواصل، لتعزيز مكانة السعودية عالميا.. وتأتي زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ضمن الحراك السياسي والاقتصادي الكبير، كقوة سياسية واقتصادية، لها مكانة فاعلة لتعزيز وبناء علاقات إستراتيجية واستثمارية مع مختلف الدول، وبناء اقتصاد وطني جديد، إذ تشهد السعودية مرحلة تنفيذ الأهداف التي رسمتها رؤية 2030، والتي يأمل الشعب السعودي في أنها ستضع بلادهم في مصاف الدول المتقدمة، من خلال الاستفادة من كل الإمكانات المحلية المتاحة، مع كل الإمكانات والخبرات الدولية. وتعتبر زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان هي الأولى لكوريا الجنوبية، حيث لم يزرها ولي عهد سعودي منذ 1998؛ حينما قام ولي العهد آنذاك الأمير عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله بزيارة لسيول العاصمة الكورية الجنوبية. وتعد المملكة العربية السعودية أكبر شريك تجاري لكوريا الجنوبية في الشرق الأوسط والمصدر الأول للنفط الخام لرابع أكبر اقتصاد. وتعتبر السعودية أكبر مورد للنفط في كوريا الجنوبية. واستوردت كوريا الجنوبية 101.5 مليون برميل من النفط الخام من المملكة في الأشهر الأربعة الأولى من 2019، بانخفاض 2.7 في المئة مقارنة بالعام الماضي، وفقاً لبيانات شركة النفط الوطنية الكورية الحكومية. ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يطلق غدا دبلوماسية التوجه للشرق من "البيت الازرق" والذي يعتبر مقر الرئاسة ومركز صناعة القرار الكوري الجنوبي لتعزيز الشراكة الإستراتجية لانطلاق أرحب والتحليق بدبلوماسية الاتجاة إلى الشرق إلى عنان السماء.