وضع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان النظام الإيراني أمام خيارين واضحين لا ثالث لهما؛ ورسم طبيعة توجهات وتعاملات السعودية مع هذا النظام الإرهابي الذي أهلك الحرث والنسل، وطغى وتجبر وأظهر الفساد في البر والبحر ونشر الفتنة والفوضى وأجج الحروب في المنطقة. كما حدد الأمير محمد بن سلمان في حواره مع «الشرق الأوسط» خارطة طريق لعودة إيران إلى عقلها ورشدها وإنهاء غيها وصلفها عبر خيارين؛ الأول عندما قال: «هل تريد أن تكون دولة طبيعية لها دور بنّاء في المجتمع الدولي»؛ وهنا عكس الأمير الشاب أن السعودية دولة مسؤولة حريصة أن تعمل وفق القواعد والأعراف والشرعية وأطر المجتمع الدولي؛ إذ طالب أن يكون للنظام الايراني دور إيجابي بناء في المجتمع الدولي؛ ويكون عامل بناء وليس عامل هدم وتخريب وإثارة فتن وفوضى كما هو حاصل منذ عقود. وعلى نظام الملالي أن يقرأ رسالة الأمير محمد بن سلمان في الخيار الأول جيدا.. قراءة ممعنة ومتأنية بعيد الفكر الطائفي الذي يتبناه ؛ لأنها قد تكون بصيص أمل لهذا النظام لكي يعود إلى رشده. وعندما نتعمق في الخيار الثاني فإن ولي العهد وضع حكام طهران أمام «المربع صفر» مرسلا رسالة تحذير شديدة اللهجة بشكل مباشر وصريح وشفاف تمثلت في قوله «أم تريد إيران أن تبقى دولة مارقة؟ وهنا علق الأمير محمد بن سلمان الجرس وأكد المؤكد، بمعنى أن استمرار النظام الإيراني في تبنيه فكر الدولة المارقة والخارجة عن القانون والشرعية الدولية؛ فإنه سيدفع ثمن هذه العربدة والعنجهية والصلف عاجلا أو آجلا. الأمير محمد بن سلمان وباعتباره شخصية سياسية قيادية لديها حكمة وحنكة، ورغم كل الأعمال العدوانية الإرهابية التي ارتكبتها مليشيا الحوثي المدعومة من طهران ورعم كل الحروب والتخريب والفوضى وإثارة الفتن من قبل النظام الإيراني ضد السعودية والمنطقة؛ إلا أنه قال «نحن نأمل في أن يختار النظام الإيراني أن يكون دولة طبيعية وأن يتوقف عن نهجه العدائي». وهنا مربط الفرس؛ هل يختار نظام طهران أن يكون دولة مؤسسات تحترم العقود والمواثيق والأعراف وحسن الجوار وتمتنع عن التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة وتنأى بنفسها عن دعم المليشيات الطائفية بالمال والسلاح ونشر الفوضى وتتوقف عن بناء ترسانتها النووية وأسلحتها الصاروخية الباليستية التي ترسلها لمليشيات الحوثي لقتل الأبرياء في المملكة.. أم تستمر دولة مارقة خارجة عن القانون تقتل وتذبح وتدمر وتنشر الفوضى والخراب... وعلى النظام الإيراني قراءة هذه الجزئية أيضا بشكل واضح لكي تختار. وشرح الأمير محمد بن سلمان توجهات النظام الإيراني بالتفصيل عندما قال إن النظام يعمل على زعزعة استقرار المنطقة والعالم، ويجب على المجتمع الدولي التصدي له ومؤكداً أن الاعتداءات على ناقلات النفط في الخليج واستهداف منشآت نفطية في المملكة ومطار أبها، تؤكد ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي موقفا حازما أمام نظام توسعي يدعم الإرهاب وينشر القتل والدمار على مر العقود الماضية، ليس في المنطقة فحسب بل في العالم أجمع. وهنا أرسل الأمير محمد بن سلمان رسالة للمجتمع الدولي يحذره من خطورة هذا النظام التوسعي الذي لا يهمه شعبه. وفي نفس الوقت لم ينأ الأمير محمد بن سلمان عن السلام مع إيران؛ رغم إرهابها إذ قال «كانت يد المملكة دائماً ممدودة للسلام مع إيران، لتجنيب المنطقة وشعوبها ويلات الحروب والدمار». وعندما يقول إن يد السعودية ممدودة للسلام مع إيران فهو ينظر نظرة إستراتيجية بعيدة المدى للمنطقة، ما يجسد حرصه على أمن واستقرار وسلام المنطقة. ورسالتنا للنظام الإيراني تكمن في أن يتوقف عن التهور الذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة، كما ذكر الأمير محمد بن سلمان؛ وأن ينأى عن دعم المليشيات الطائفية في المنطقة وفي العالم أجمع، وعلى المجتمع الدولي أن يتخذ الإجراءات اللازمة لوقف انفلات النظام الإيراني.. فهل وصلت رسالة الأمير محمد بن سلمان الأخيرة لنظام خامنئي وأعوانه من المليشيات الطائفية ووكلائه في المنطقة؟ ويبقى في النهاية على إيران أن تختار.. دولة طبيعية أم ثورة مارقة!