نزلت جدة فرأيت أبي رحمة الله عليه كيف كان يخطو فيها ورأيته يكتب رسائله الكبرى ومحبته عنها، ورأيته وهو يتسلم شهاداته وجوائزه عن تغطياته في القرن الإفريقي والحرب في أفغانستان وأحراش الصومال متوشحا بجائزة محمد علي حافظ وجريدة الشرق الأوسط ومجلة المجلة ثم ذهبت إلى مكةالمكرمة رأيت الحرمين الشريفين وكيف تهدينا نسائم البيت العتيق آمالنا الكبار أن يعم الاستقرار بلدنا. والدعاء لأمي وأبي بالرحمة والمغفرة وكل أموات المسلمين.. وأنت في بلاد الحرمين ترى الملك فيصل رحمه الله مطلا على بلادنا وترى الملك خالد رحمه الله لازال مرتحلا في رحلته في بوادي السودان في رحلة الصيد الكبرى، أما الملك المتفرد فهد رحمه الله فلا زال يحيط بِنَا ونحيط به نحن أهل السودان فهو يحبنا ونحن نعشقه.. أما الملك عبدالله رحمه الله أبو متعب فإن حبه للخيل والخير والجمال فانهم معنا ساكنين القلوب.. حين نقف أمام الملك سلمان ندرك أننا نقف أمام من قرأ تاريخ المملكة لكي يبني لها مستقبلا ومن هنا كان اهتمام خادم الحرمين الشريفين بالفعل الثقافي مبكرا حيث يتصف برؤية ثقافية ثاقبة مطلعا على التحولات التاريخية السعودية مدركا للدور الذي تقوم به المملكة في محيطها العربي والخليجي والإسلامي والعالمي من أجل تحقيق السلام العادل والتعايش بين الشعوب المحبة للسلام، الملك سلمان طراز إنساني فريد ومتفرد، تجلى ذلك في مركز الملك سلمان للإغاثة الذي يقدم المساعدات الإنسانية دون فرز ديني أو عرقي فقط للبشر في كل بقاع الكرة الأرضية.. لقد رأيت أهل السودان الذين أحبوا مملكة الخير والعطاء التي عملوا فيها وتفوقوا، رأيت أصدقاء أبي رأيت د.محمد علي عبد الحليم الذي عمل مستشارا في المملكة، ورأيت بصماته كلها في مجسمات جدة الجمالية ونظافتها وتخطيطها حيث عمل مع عبقري المدن العربية المرحوم محمد سعيد فارسي والدكتور خالد عبد الغني ومهندسي أمانة جدة وصنعوا فيها الجمال.. رأيت الأستاذ إبراهيم أحمد صديق والدي والذي كان يعمل مترجما في منظمة المؤتمر الإسلامي، رأيت الأستاذ أحمد محمود رئيس تحرير صحيفة المدينة وقتها والذي كان يحبه والدي.. رأيت طريق المدينة القديم والجديد رأيت الخط السريع وسرت بالقرب من قطار الحرمين، وأسرعت الخطى لأرى كورنيش الإبداع في جدة وألحق بإفطار رمضان وآذان المغرب في مساجدها المتعددة وعبق عطور البخور والندى رأيت سوق باب شريف وحي البلد الذي تناولنا فيه إفطار رمضان في الهواء الطلق بدعوة كريمة من وزير الإعلام.. أي قمة في مكة يسبقها الدعاء ويتلوها الدعاء، فمن مكة كان الطريق يرسم خطوط ثلاث قمم عربية وخليجية وإسلامية همها الأول هو استقرار هذه الدول وردع كل من تسول له نفسه محاولة المساس بثوابت الأمن والأمان والاستقرار لهذه الدول والشعوب التي عانت من طموحات أعداء السلام والسلم الدولي الذين نسوا أن من رحم أرض المملكة خرج سيف الله المسلول خالد بن الوليد ليقول رسالة إلى الفرس لم تكن رسالة قتال بل كانت رسالة سلام إلى الإسلام الذي وحد القلوب خرج منها الفاروق عمر يرسل الجند ويظهر العدل وتنهمر دموعه خوفا على أمة الإسلام وحنانا على حال الأمة واقفا صامدا طويلا بائن الطول يطل على أمته العربية والخليجية والإسلامية يرفع راية بيضاء.. هذا هو سلمان وهذه هي المملكة؛ رجالها ونساؤها أطفالها وشبابها وحلمها مع محمد بن سلمان مسنودا بتاريخ ملوكها وإرادة شعبها وحكمة ملوكها ودعم والده سلمان الملك الحكيم أطال الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية. * رئيس تحرير صحيفة الوطن السودانية