سعت المملكة منذ توحيدها إلى تعزيز التضامن وتحصين البيت العربي من الداخل، ومنع أي اختلالات في المنظومة الأمنية العربية، فضلا عن الوقوف مع الدول الشقيقة في أحلك الظروف، إيمانا منها بمسؤوليتها التاريخية؛ وضرورة التآزر والتآخي والعمل على تعزيز المنظومة العربية في مواجهة التحديات. وعندما أعلنت السعودية أمس الأول عن موقفها مما يجري في السودان فإنها وضعت النقاط على الحروف، وجسدت ثوابتها التاريخية الراسخة التي تتمحور في حرصها على تعزيز العلاقات التاريخية التي تربط بين البلدين والشعبين الشقيقين، حيث أكدت تأييدها لما ارتآه الشعب السوداني حيال مستقبله، وفِي نفس الوقت دعم ما اتخذه المجلس العسكري الانتقالي برئاسة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان من إجراءات، تصب في مصلحة الشعب السوداني، خصوصا المحافظة على الأرواح والممتلكات والوقوف الى جانب الشعب السوداني. وهذا يؤكد مرة أخرى أن السعودية تقف مع الشرعية، وأنها كانت ولاتزال حريصة على حقن دماء الأشقاء، وأن ينعم السودان بالأمن والأمان والاستقرار، حيث ظلت المملكة تتابع عن كثب وبكل اهتمام تطورات الأحداث التي مر بها السودان أخيرا باعتباره عمقا إستراتيجيا للسعودية والعكس صحيح. والمملكة عندما تؤيد الشعب السوداني وتدعم الخطوات التي اتخذها المجلس العسكري الانتقالي، فهي تردف القول بالفعل، خصوصا بعد توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان برفع المعاناة عن كاهل الشعب السوداني، وإصداره الأوامر للجهات المعنية بتقديم حزمة من المساعدات الإنسانية للسودان، تشمل المشتقات البترولية والقمح والأدوية. ويأتي ذلك دليلا على أن المملكة حريصة ليس على أمن واستقرار وسيادة وسلامة الأراضي السودانية فحسب، بل تضع احتياجات الأشقاء الذين يواجهون أزمات اقتصادية تراكمية، فوق أي اعتبار؛ حرصا منها على أن يتجاوز السودان هذه الظروف والصعاب في أسرع وقت. ودوما تجدد السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين التأكيد على مواقفها الثابتة مع السودان والحرص على أمنه واستقراره. والمطلوب في هذه المرحلة الحساسة التي يمر بها السودان أن يتعامل الشعب السوداني بفئاته وتوجهاته كافة بالحكمة والحنكة ووفق الأطر السياسية والحوار المبني على العقلانية وتغليب المصلحة الوطنية، ووضع التطلعات والآمال في الوصول إلى توافقات تحقق الرخاء والتنمية والازدهار للسودان، حيث سنحت للشعب السوداني فرصة أن يضع خريطة طريق لدولته بالتنسيق مع المجلس العسكري الانتقالي الذي أبدى انفتاحا كبيرا على مطالب القوى السياسية ليصل السودان إلى بر الأمان. وما نأمله أن يعود الأمن والاستقرار لهذا البلد العربي الشقيق، ليمارس دوره في محيطه العربي باعتباره عضوا مؤسسا في جامعة الدول العربية، وعضوا في التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، فضلا عن كونه عضوا في التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الاٍرهاب. وتمثل هذه العضوية في المحافل والتحالفات العربية والإسلامية استكمالا للدور الكبير والإيجابي الذي يلعبه السودان عربيا وإسلاميا، فضلا عن حرصه على منع التدخلات الإيرانية في شؤون الدول العربية، ودعمه اللامحدود للشرعية اليمنية ونأت الخرطوم بنفسها عن النظام الإيراني وأثبتت أنها مع الحق العربي. بحقن الدماء.. والحوار.. وتغليب الحكمة.. سيعيد السودانيون بناء دولتهم الجديدة.. والسودان يظل دائما في قلب سلمان قولا وفعلا.