وثقت دراسة من معهد أكسفورد للإنترنت التدخل الرقمي الإيراني في الدول العربية، إذ فحصت الدراسة 770 حساباً على موقع «تويتر» ينطلق مصدرها من إيران، والتي كشفته الشركة في أكتوبر من العام الماضي، وتزعم أغلبها أن تعود لمستخدمين في السعودية، لغرض التضليل. ولفتت الدراسة إلى أن التدخل الإيراني في الدول العربية أصبح أكثر وضوحاً منذ احتجاجات الربيع العربي عام 2011، وعرجت على محاولات طهران لتوسيع نفوذها في المنطقة. وتفحصت الدراسة التي أعدها ثلاثة باحثين من جامعة أكسفورد، ال 770 حساباً الناطقة بالعربية، وخرجت بنتائج مفادها بأن العربية هي اللغة الثالثة في مجموعة البيانات الإيرانية، وأن الهدف من تلك الحسابات ليس التواصل مع المستخدمين العرب بل الترويج لمواقع إلكترونية معينة، إضافة إلى أن 69% من الروابط التي تحملها تلك التغريدات باللغة العربية كانت لمواقع إخبارية «عربية» مؤيدة لإيران. كما تروج تلك المواقع الإلكترونية، الأكثر مشاركة من خلال التغريدات العربية بيانات مروجة للسياسة الإيرانية وتتضمن تحريضاً على السعودية وتدعم الرئيس السوري بشار الأسد. وتؤكد الدراسة أن عمليات التدخل الرقمي استراتيجية حديثة تبنتها إيران لممارسة النفوذ في العالم العربي، إضافة إلى التدخل العسكري ودعم مليشياتها والموالين لمشروعها في المنطقة من الجهات الفاعلة غير الحكومية. وفي أكتوبر من العام الماضي، نشر «تويتر» مجموعتين من البيانات تتضمن 3841 حساباً مرتبطاً بوكالة أبحاث انترنت و770 حساباً يعود إلى إيران، ما دفع أحد أشهر مواقع التواصل الاجتماعي في المنطقة إلى إيقافها بسبب «مشاركتها في عمليات تلاعب منسقة» مدعومة من طهران. وغردت ال 770 حساباً الإيرانية بأكثر من 1.1 مليون تغريدة، وأنشأت إيران الحساب الأقدم في أغسطس من العام الماضي. ووفقاً للدراسة، فإن 40% من الحسابات أنشئت فقط في عام 2017، وبلغ إنشاء الحسابات الإيرانية ذروتها في الفترة بين ال مايو 2017 ويناير من العام الماضي، وهذه الفترة تتزامن مع الانتخابات الرئاسية الإيرانية، والاحتجاجات الشعبية في الشوارع الإيرانية. ويبلغ عدد متابعي الحسابات الإيرانية التي تغرد بالعربية مجتمعة 862003 حسابات، وكتب الحساب الأكثر متابعة في ملفه التعريفي أن موقعه الجغرافي هو المملكة العربية السعودية! وأشارت الدراسة إلى أنه من بين ال 10 حسابات الإيرانية الأكثر متابعة تدعي 6 منها أن موقعها السعودية. ويبدو أن تركيز نظام الملالي على التغريد بالعربية فاق تركيزهم على اللغة الفارسية (اللغة الرسمية في إيران)، إذ تأتي العربية ثالث لغة في كتابة التغريدات عبر حسابات إيران في مواقع التواصل الاجتماعي بعد الفرنسية والإنجليزية. ونشرت الحسابات الإيرانية (عينة الدراسة) 154326 تغريدة مكتوبة بالعربية، وارتبط أكثر من 23 ألف وسم (هاشتاق) بالتغريدات باللغة العربية من تلك الحسابات، وركزت الحسابات الإيرانية في هاشتاقاتها في الهجوم على المملكة، حتى أن الدراسة أظهرت وسوما معادية للمملكة تقف خلفها حسابات إيرانية تدعي أنها سعودية. وتأتي في المرتبة الثانية وسم «اليمن»، وتروج فيه تلك الحسابات الرواية الإيرانية وتدعم المليشيات الحوثية الموالية للملالي، وشاركت تلك الحسابات المشبوهة في وسوم بدول عربية أخرى كالعراق وسورية وفلسطين وليبيا. وأكدت الدراسة أن 9 حسابات من الحسابات العشر الأكثر متابعة أخذت صفة إخبارية، واصفة نفسها بأنها «منصات إخبارية في دول عربية مختلفة» في محاولة لتضليل المتابعين عن مصدر توجيه تلك الحسابات التي يبدأ وينطلق في إيران. وأشارت إلى ترويج العديد من تلك الحسابات لروايات معادية للمملكة، حتى أن أحد الحسابات نشر 4870 تغريدة لقصص وكتابات معادية للسعوديين، واكتشفت الدراسة أن من يدير عددا من الصفحات المعادية للسعودية، والتي تظهر وكأنها صفحات محلية أشخاص من إيران. ورغم ميل المستخدمين العرب في مواقع التواصل الاجتماعي إلى استخدام اللغة العربية بلهجاتها المتنوعة، إلا أن الحسابات الإيرانية تعتمد على اللغة العربية الفصحى. وتناولت الدراسة أدلة رقمية على تورط الحسابات الإيرانية «المشبوهة» والتي تدعي أنها عربية في عدة دول عربية، وتستهدف المستخدم العربي لتمرير دعاية الملالي ومهاجمة أوطانهم. ووافقت لجنة أخلاقيات البحوث بجامعة أكسفورد.