منذ تفعيل مبدأ مونرو عام 1823م الذي نادى باستقلال نصف الكرة الغربي ضد أي تدخل أوروبي، ظلت دول أمريكا اللاتينية أسيرة لهيمنة الولاياتالمتحدةالأمريكية باعتبارها فناءً خلفياً لها، تترك أمريكا مساحة من الحرية المعلبة لمجتمعات أمريكا اللاتينية فتغض فيه الطرف عن الممارسات المناهضة لها، وتستفزها الشعارات الحكومية ضد الرأسمالية فتمد يدها بعصا غليظة لتعيد الأمور إلى نصابها كما حدث في جمهورية الدومنيكان في عام 1905م. وما يحدث في فنزويلا منذ تقلّد نيكولاس مادورو مقاليد الحكم بالسماح لروسيا والصين بالاستثمار في الأراضي الفنزويلية وشراء أسهم شركة النفط والتنقيب في مناجم الذهب ما هو إلا استفزاز للسياسة الأمريكية وخرق لهيمنتها. وبتقدم عجلة التاريخ أصبحت الحرب الاقتصادية أكثر نجاعة من الحرب التقليدية، ولذلك مدت أمريكا يدها هذه المرة بعصا رفيعة تمثلت بعدم إرسال ثمن البترول الذي تستورده من فنزويلا، ثم خفضت سعر البترول، ما أدى لحدوث تضخم بنسب عالية أفلست معه المتاجر وشّحت فيه البضائع ونزح بسببها المواطنون إلى دول الجوار. فأدت هذه العوامل مجتمعة إلى فوز المعارضة بالبرلمان الفنزويلي برئاسة خوان غوايدو، والذي ما لبث أن أعلن نفسه رئيساً مؤقتاً للبلاد. فنزويلا الآن جسد برئسين، نيكولاس مادورو ومعه الحكومة والجيش بندقية في يد روسيا والصين، وخوان غوايدو ومعه البرلمان والمال بندقية بيد الولاياتالمتحدةالأمريكية. وفي الغالب سينتهي الفصل الأخير بسقوط مادورو أو تسوية تعيد فنزويلا للحضن الأمريكي. [email protected]