تقول الحكاية إن رئيس قسم إداري عرض عليه نقل موظف من قسم آخر إلى القسم الذي يرأسه وكان العرض الذي وصله من رئيس ذلك الموظف، فسأله: وهل تريد مقابله موظفاً يكون بديلاً له في عمله، فنفى ذلك، فعلم الأول أن الموظف المراد التخلص منه ونقله إليه من فئة «المتردية»، فرد على العرض بصوت عالٍ: لو كان فيه خير ما رماه الطير، وهو مثل شعبي معناه الظاهر واضح لا يحتاج إلى شرح. وجاء أحد الموظفين إلى زميل له في عمله يكبره في المنصب وطلب منه أن يصبح تحت رئاسته في المنصب، بحجة أنه غير مرتاح في عمله الحالي، فقال له: يا بني إن العمل كله واحد، ومن حق الإدارة أن تضعك في الموقع الذي تراه مناسباً لتحقيق مصلحة العمل، فألح عليه الموظف ورجاه أن يقبل منه طلبه فقال له: أمهلني ثلاثة أيام وبعدها يصير خيراً، ثم سأل عنه رؤساؤه في العمل من أول رئيس حتى آخرهم، فأجمعوا أنه موظف «لعاب» وأن لديه عدداً من الأقارب يموت كل ثلاثة أيام منهم واحد من الأعمام والعمات والأخوال والخالات والإخوان والأخوات، وأن رصيده بدأ ينفد منهم فأخذ في الآونة الأخيرة يستعين بأعمامه وعماته وأخواله وخالاته من الرضاعة، مؤكداً لهم أن الرضاعة كالنسب، فأدرك ذلك الإداري أن الموظف «اللعاب» قد وصل مع رؤسائه السابقين إلى طريق مسدود، فقرر أن يبدأ معه صفحة جديدة من «الوفيات» فلما راجعه اعتذر له عن عدم تحقيق رغبته، فقال له مغضباً لقد قلت لي: يصير خيراً، فرد عليه بقوله: وهذا هو الخير؟! ولقد مرّ بي في الحياة الإدارية أن هذا النوع من الموظفين يحاول كل مدير أو رئيس قسم التخلص منهم بنقلهم إلى قسم آخر ويحصل في بعض الأحيان أن تكون عملية النقل بترقية الموظف اللعاب يساهم فيها رئيسه الذي سعى للتخلص منه فلا يتسنى له ذلك إلا بترقيته على وظيفة في إدارة أخرى، وقد يحصل الموظف اللعاب على مزايا لا يحصل عليها زميله الموظف الكفء المنتج المنضبط خلقاً ودواماً، لأن «اللعاب» يقدم خدمات خاصة لرؤسائه الذين لا يقلون عنه فساداً، فيحبط الموظف المجتهد وقد يفكر في الانضمام إلى «كوكبة» الفساد لعله يستفيد من المزايا الوظيفية التي تعطى «للهامل» ويحرم منها العامل! * كاتب سعودي