تحتفي مملكة البحرين الشقيقة اليوم (الأحد) بالذكرى ال 47 ليومها الوطني. وجاء تأكيد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على تميز العلاقات السعودية البحرينية، في برقية التهنئة التي بعث بها إلى أخيه الملك حمد بن عيسى آل خليفة في ذكرى اليوم الوطني لبلاده، متسقاً مع خصوصية العلاقة الأخوية التي تربط بين القيادتين والبلدين والشعبين الشقيقين. وترجع العلاقات بين البلدين إلى الدولة السعودية الأولى ( 1745- 1818)، وجاءت أول زيارة للملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، لمملكة البحرين ليزور الشيخ عيسى بن علي آل خليفة شيخ البحرين، إذ قوبل الملك المؤسس في تلك الزيارة بحفاوة بالغة من قبل الشيخ عيسى، ودار حوار بين العاهلين، واستمرت إقامة الملك عبدالعزيز يومين كان خلالهما موضع حفاوة وتكريم من قبل الحكام والشعب على السواء. وبعد زيارة الملك عبدالعزيز بنحو 7 سنوات، (15 ديسمبر 1937) على وجه التحديد زار الملك سعود، وكان حينها ولياً للعهد، وتوالت الزيارات بين القيادتين منذ بدء فجر جديد على تأسيس المملكة العربية السعودية مما يؤكد عمق هذه الروابط الأخوية بين القيادتين والشعبين الشقيقين، خصوصا أن العديد من العائلات البحرينية والسعودية تحديداً في المنطقة الشرقية تربطها علاقات أسرية ونسب. وعلى الصعيد السياسي تشهد العلاقات بين البلدين حجماً كبيراً من التنسيق في المواقف من القضايا الإقليمية والدولية التي يتم تداولها في مؤتمرات قمم مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والأمم المتحدة وغيرها من المحافل الدولية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، والأوضاع في العراق، فضلاً عن التعاون في مجالات مكافحة الإرهاب والعمل على إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار وتفعيل العمل الدولي والخليجي والعربي المشترك. وتشهد العلاقات الثنائية المميزة بين المملكتين على الصعيد السياسي قدراً كبيراً من التنسيق يصل إلى حد التطابق في المواقف من القضايا الإقليمية والدولية التي يتم تداولها في المحافل الإقليمية والدولية، إذ تترجم هذه العلاقات معنى الشراكة الحقيقية وتعميق التعاون في المجالات كافة، بما ينعكس إيجاباً على وحدة وتماسك الصف الخليجي والعربي، لاسيّما مع ما تمر به المنطقة العربية حالياً من تحديات بالغة الأهمية. ويعد اللقاء الأخوي الملكي التاريخي بين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وأخيه الملك سلمان بن عبدالعزيز يوم 07 ربيع الأول 1438، حين قام خادم الحرمين الشريفين بزيارة للبحرين ليرأس وفد المملكة في الدورة السابعة والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، ليؤكد مجدداً وحدة الدم والمصير التي لا غنى عنها ولا بديل لها، بلد واحد وشعبٌ واحد، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً. وتعد السعودية الشريك التجاري الأول للبحرين؛ إذ تجاوزت الاستثمارات السعودية فيها نحو 13 مليار ريال، فيما بلغ عدد الشركات الفاعلة باستثمار سعودي في البحرين نحو 400 شركة، بينما بلغ عدد الشركات السعودية العاملة والمسجلة في البحرين نحو 43 شركة، وتوجد نحو 896 شركة من الشركات السعودية المساهمة في البحرين في مجالات السفر، الشحن، التجارة، الهندسة، وغيرها. وكان لتوجهات قيادتي البلدين السديدة دور بارز في تعزيز ودعم هذا التعاون والذي جسدته المشاريع المشتركة وتفعيل سبل تنمية التبادل التجاري والعمل على إزالة المعوقات التي تواجه العمل الاقتصادي وتسهيل انتقال رؤوس الأموال بين البلدين مما أسهم في تعدد المشاريع الاقتصادية المشتركة، والتي تعززت بشكل كبير بعد افتتاح جسر الملك فهد. ووفق تقرير المؤسسة العامة لجسر الملك فهد لعام 2017 فقد بلغ عدد المركبات والشاحنات التي عبرت الجسر خلال عام 2015 في الاتجاهين (10966421) مركبة وشاحنة، كما بلغ عدد المسافرين (25451777 ) مسافراً، وبلغ العدد الإجمالي للمسافرين عن طريق الجسر الملك فهد منذ افتتاحه عام 1986 وحتى نهاية 2017، (355362833) مسافراً في الاتجاهين. وتشير آخر الإحصاءات إلى أن التبادل التجاري بين البلدين نما من 1.4 مليار دولار عام 2010، إلى 2.2 مليار دولار بنهاية عام 2017، بنسبة بلغت 51%، وتشكل الصادرات السعودية إلى البحرين ما نسبته 40% من حجم التبادل التجاري، بينما تشكل الصادرات البحرينية نحو 60%. وتمثل الصادرات غير النفطية قوام هذه العلاقات التجارية، إذ يعد القطاع الصناعي أحد أعمدة الاقتصاد البحريني الذي يمثل نحو 15% من الناتج المحلي الإجمالي، إذ نما هذا القطاع بمعدل 18% خلال السنوات الخمس الماضية. ومنذ عام 2010، نمت الصادرات السعودية إلى البحرين من 482 مليون دولار إلى 894 مليون دولار، بمعدل بلغ نحو 86% حتى نهاية عام 2017. وشهدت الفترة ذاتها كذلك نمو صادرات البحرين إلى السعودية بنسبة 34% من 989 مليون دولار إلى 1.3 «مليار دولار». وتعتزم الجمارك السعودية ونظيرتها البحرينية تفعيل «المسار السريع» في جسر الملك فهد من الجانبين، وذلك بهدف إنهاء كافة الإجراءات الجمركية لصادرات (10) من الشركات الكبرى في مجال صناعة السلع الوطنية في كلا المملكتين، وذلك بهدف انسيابية حركة البضائع وتدفق الشاحنات عبر الجسر للشركات الأعلى تصديراً والملتزمة بالمتطلبات والاشتراطات الموضوعة من جمارك البلدين الشقيقين للدخول في هذا الامتياز. وتمثل المملكة العربية السعودية عمقاً إستراتيجياً اقتصادياً لمملكة البحرين كونها سوقاً اقتصادية كبيرة أمام القطاع الخاص البحريني لترويج البضائع والمنتجات البحرينية، كما تمثل البحرين امتداداً للسوق السعودية في ترويج البضائع والمنتجات السعودية، وفي هذا الإطار يضطلع مجلس رجال الأعمال البحرينيين والسعوديين بدور كبير في سبيل زيادة حجم الأعمال والمشاريع المشتركة. إن الطموحات المتزايدة لبناء علاقات اقتصادية تكاملية بين البلدين، يدعمها العديد من الركائز، منها: المشاريع المنتظر الشروع فيها بين البلدين، منها جسر الملك حمد الجديد الذي أُعلن التخطيط له في سبتمبر 2014 ليضاف إلى جسر الملك فهد، فضلاً عن الخط الملاحي بين مدينة الخبروالبحرين، الذي يطالب بعض رجال الأعمال بإعادة افتتاحه، والمتوقع أن يخفض تكلفة النقل بنسبة 40% بين البلدين، فضلاً عن ربط البحرين بمشروع السكة الحديدية الخليجية، واتفاق البلدين على تطبيق نقطة عبور واحدة على جسر الملك فهد لتسهيل حركة الزوار والبضائع بينهما، وغير ذلك من مشاريع اقتصادية طموحة، يضاف إلى ذلك قدرة الاستثمارات والسوق السعودية على استيعاب وتلبية متطلبات وحاجات التنمية في مملكة البحرين، خصوصاً مع تشابه رؤية المملكتين المستقبلية 2030، ومساعيهما الحثيثة لتحقيقها، وتمثل نسبة الاستثمارات السعودية في القطاع العقاري بالبحرين أكثر من 25 %.