لم يكن وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى، قبل تسنمه موقعه الوزاري، مخطئا وهو يشخص حالة التعليم لدينا من خارج منظومة التعليم كخبير تعليمي، وعلى عهده وعهد من قبله في العقدين الأخيرين بذلت وزارة التعليم جهودا حثيثة هدفها ضخ دماء التطوير في جسد تعليمنا العام المتشبع ببيروقراطية تقليدية مزمنة، لكن المراقب من خارج مؤسسة التعليم لا يلامس علامات بارزة مبهجة تدل على التحسن المأمول على الرغم من ضخامة مخصص التعليم في موازنة الدولة السنوية، ولعل العوائق أمام عجلة التطوير أصعب من قدرات الوزارة العتيدة التي لم تتلق دعما من الجهات ذات العلاقة ومن بيوت الخبرة المتخصصة في الداخل والخارج، ونرى أنه من الممكن لنا أن نذكر بأبرز معيقات التطوير المنشود التي من المؤكد أنها لا تغيب عن قادة التعليم بإدارتيه العليا والوسطى مخططين ومنفذين ومشرفين في جميع قطاعات الوزارة، فلا بد من إعادة النظر في مواد سياسة التعليم المقرة في ثمانينات القرن الهجري الماضي، لتواكب العصر وتقنياته، فعدد المعلمين والمعلمات في المملكة يناهز 550 ألفا، وربما 70% منهم دون المستوى المأمول تأهيلا وتدريبا، وبعضهم انتسب للتعليم وظيفة وهو غير مؤهل لممارسته. ورغم ما صرف على المنهج المدرسي من ميزانيات، إلا أنه ضعيف المضمون، ومخرجاته لا تناسب سوق العمل المتطور. ويستغرب المتابع للمباني المدرسية تطبيق ذلك التصميم للمبنى الحكومي في كل بيئات المملكة المختلفة، بل الإصرار على تنفيذه باتجاه واحد دون مراعاة لبيئة الموقع صحراوي أم جبلي أم داخل مدينة أم في أطراف قرية ومن غرابة ما يعرف عن وجود مبان مدرسية جديدة مهجورة في بعض المواقع في قرى لم تعد مأهولة أو أعداد طلابها لا يشكلون طلاب صف دراسي واحد، ناهيك عن المباني المستأجرة غير المؤهلة للعملية التعليمية. كما أنه يلاحظ أن الوزارة تنازلت طوعيا عن ضوابط صارمة في اختيار المشرف التربوي التي بدأت بها وأضحى الاختيار لسد الحاجة (كمعلم الحاجة) الذي بدأت به الوزارة تعليمها النظامي. وثمة وقفة مع برنامج التقويم الشامل الذي استنسخته الوزارة من التجربة الإنجليزية وجردته من عناصره الرئيسية وألبسته الغترة والعقال، فانتهى هيكلا عظميا لا روح فيه فحاولت إنقاذه ب«هيئة تقويم التعليم»، فسمعنا جعجعة ولم نر طحنا. وتدهورت مخرجات التعليم وأصابتها الهشاشة منذ أن تخلت الوزارة عن مهمتها منذ نشأتها في وضعها ومتابعتها الاختبارات في الشهادة الابتدائية والمتوسطة والثانوية، وإسناد ذلك لكل مدرسة وفق إمكاناتها كالتقويم المستمر مثلا. وطبقت الوزارة نظام المقررات ومنحت الثقة للمدارس الثانوية اقتباسا من نظام الأستاذ الجامعي، الذي يئن من صدقية مخرجاته فازداد ضعف مخرجات التعليم الثانوي وتراكم بشهادة مركز قياس. تلك 7 مجالات ذكرناها مثالا لحال تعليمنا الذي يعز علينا وضعه الحالي فكيف لو استعرضنا كل المجالات، التعليم مهمة وطنية ضخمة، ووزارة التعليم لوحدها لن تصل به إلى الطموح الوطني الذي تنشده القيادة، لا بد أن تتكاتف الجهود من قبل مرافق الدولة بقطاعيها العام والخاص للنهوض به، خصوصا أنه لا تنقصنا الإمكانات.