أقال مجلس إدارة مجموعة نيسان لصناعة السيارات اليوم (الخميس) رئيسه كارلوس غصن الموقوف في طوكيو بتهمة التهرب الضريبي، في خطوة لم يكن من الممكن تصورها للرجل الذي أنقذ هذه المجموعة اليابانية العملاقة. وأكدت المجموعة التي بنى فيها سمعته كمؤسس إمبراطوريات في عالم صناعة السيارات، أنها اتخذت هذا القرار «بالإجماع». وقالت في بيان: «بعد مراجعة تقرير مفصل لتحقيق داخلي، صوت مجلس الإدارة بالاجماع لإقالة كارلوس غصن من منصب رئيس مجلس الإدارة». وقد انقلبت حياة كارلوس غصن الذي ينسب إليه النجاح في تغيير مصير تحالف نيسان-رينو-ميتسوبيشي، فجأة عند توقيفه الثلاثاء فور هبوط طائرته الخاصة في طوكيو. والتزم غصن (64 عاما) الصمت منذ توقيفه. ويفترض أن يتم تعيين رئيس لمجلس الإدارة خلفا لغصن، وسيكون على الأرجح الرئيس التنفيذي للمجموعة هيروتو سايكاوا مساعده السابق الذي شن هجوما عنيفا مساء الاثنين على مرشده السابق. وأكدت نيسان أيضا أن التحالف مع رينو الفرنسية «يبقى بدون تغيير». ويتهم غصن الفرنسي اللبناني البرازيلي رسميا بأنه قام مع شركاء بتقديم كشوفات تقل عن دخله الحقيقي «خمس مرات بين يونيو 2011 ويونيو 2015» معلنا عن مبلغ إجمالي بقيمة 4,9 مليار ين (حوالى 37 مليون يورو) بدلا من عشرة مليارات ين. لكن يشتبه أيضا بأنه استخدم ممتلكات الشركة لحسابه الخاص حسب نتائج تحقيق داخلي أجرته «نيسان» في الأشهر الأخيرة. وقالت وكالة كيودو اليابانية للأنباء الخميس إن شركة نيسان دفعت مبلغ 100 الف دولار منذ 2002 لشقيقة غصن التي لا يوجد سجل لتقديمها عمل استشاري للمجموعة. من جهتها، تنوي «ميتسوبيشي موتورز» أحد أطراف التحالف القوي لصناعة السيارات، «إقالة» غصن رئيسها، «بسرعة». وقال ناطق باسم المجموعة إن مجلس إدارتها سيجتمع الاثنين لهذا الهدف. أما مجموعة «رينو» فتلتزم الحذر. وقد طلب مجلس إدارتها من «نيسان»، «تسليمه كل المعلومات التي بحوزتها في إطار التحقيقات الداخلية بشأن غصن». لكن رينو قالت إنها تقف إلى جانب مديرها التنفيذي رغم إعلانها عن تكليف مدير العمليات تييري بولوريه «موقتا» الإدارة التنفيذية للمجموعة «بالصلاحيات نفسها» التي يتمتع بها رئيس مجلس الإدارة. وأعلن وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير الأربعاء أن «هذه القيادة تضمن حسن سير العمل لدى شركة رينو». وأضاف أن «قيادة رينو متينة لكنها موقتة» مؤكدا أنه سيلتقي نظيره الياباني الخميس لمناقشة «تمديد» التحالف. وتحدثت الصحافة المحلية اليابانية نقلا عن مسؤولين في نيسان أن المجموعة تريد إعادة النظر في هيكلة التحالف وهو «شرط أساسي لكي تستمر» بحسب قول أحدهم. وقالوا إن الهدف قد يكون إعادة النظر في توزيع الأسهم، إذ إن رينو تمتلك 43% من نيسان لكن الشركة اليابانية التي تتقدم على حليفتها في مجال رقم الأعمال لا تملك فيها سوى 15% من أسهم رينو وهو وضع يثير منذ فترة طويلة استياء في اليابان. وفي مؤشر على الحساسية السياسية للمسألة توجه وزير الصناعة الياباني هيروشيغو سيكو إلى باريس للاجتماع بوزير المالية الفرنسي برونو لومير الخميس. وذكرت الصحيفة الاقتصادية «نيكاي» نقلا عن مسؤول في نيسان أن كارلوس غصن كان يسعى الى دمج المجموعتين «ومن المحتمل أن تكون هناك خطة ملموسة جاهزة في الربيع القادم». لكن عملية الدمج هذه مرفوضة كما هو واضح من قبل سايكاوا. وسبب توقيف غصن المفاجئ صدمة واسعة في قطاع صناعة السيارات في اليابان وخارجها، خصوصا أنه ينسب إليه النجاح في تغيير مصير تحالف نيسان-رينو-ميتسوبيشي. وكان أسلوب حياته الباذخ يثير انتقادات في اليابان. فقد أفاد التلفزيون الياباني الرسمي «ان اتش كي» أن نيسان دفعت «أموالا هائلة» لتزويد غصن بمنازل فخمة في ريو دي جانيرو وبيروت وباريس وامستردام بدون «وجود أي مبرر مشروع يتعلق بالأعمال».