سر عسكري يُحكى أن بلادا تحالفت وحاولت خنق بلد آخر، تارة تحت لغة التهديد والوعيد والأخذ والرد والتصعيد، وتارة أخرى باسم الحريات والحقوق ويكاد الحديث يصل حد نقاش مواضيع الأسرة وقضايا العقوق، فلا بأس بالنسبة للبعض أن يتم محاولة منع بلد من امتلاك القدرة العسكرية والقنابل الذكية، لأن ذلك قد يشكل خطرا على مساعي المرأة في قيادة السيارة أو ربما ينقض الوضوء ويُفسد الطهارة. غريب جدا تفكير البعض، وليس غريبا ما طرحه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يوم الجمعة، عندما تساءل في مؤتمر صحفي عن الصلة بين مبيعات السلاح للمملكة العربية السعودية ومقتل جمال خاشقجي؟ ليصف هذا الربط ب«الديماغوغية المحضة». وبما أن الحديث عن الغرابة لا زال مستمرا، يقفز أمام أعيننا تساؤلٌ مثيرٌ للدهشة؟ لماذا الكل يتحدث عن صفقات السلاح حصراً عند الحديث عن خاشقجي؟ بصراحة لم أجد جوابا إلا في حديث إسرائيل المتزايد عن قلقها من الترسانة العسكرية السعودية، والتودد الإيراني المتزايد للغرب. الصورة أعلاه باتت جليّة، ولا بأس من حديث آخر في الأسرار العسكرية، وطالما بدأ الحديث بعبارة «يُحكى أن» فلا بأس من تكرارها في حكاية بلد هدد بوقف تزويد السعودية ب400 قنبلة ليزر ذكية، «الأخيرة لم تتوسل ولم تمارس إلا حقوقها الشرعية، وقالت إنها لم تعد بحاجة إلى صفقة السفن الحربية، فتداعى برلمان الدولة المهددة سابقا وصادق على شحن القنابل إلى الثكنات السعودية». سر إعلامي قال لي جدي ذات مرة بلغته العامية الفلسطينية «سراً إعلامياً»، لكنني حقيقة أضعت تلك الكلمات ولم أعد أتذكرها بالحرف، حاولت مرارا استرجاعها بلا جدوى لكن ما أفلحت به هو استخراج المعنى المنشود، حينها شاء أن يقول «من أراد أن يصل إلى قلوب العالم بكل بساطة يحمل القضية الفلسطينية وسيصل إلى حيث يريد، بعدها سيكون بطلا مهما كان في داخله من سواد». «الله يرحم ترابك يا جدي»، وكأنك كنت تتابع قناة الجزيرة قبل تأسيسها، فها هي اليوم «تحمل هم القضية الفلسطينية إعلاميا»، وجمعت حولها القلوب بهذا الشعار، لكن يا جدي أصبح العرب في عهدها عربين، وتقود المؤامرة باسم فلسطين، فتتت وقسمت ومزقت، ولم يبقَ لها إلا أن تقول «أنا صلاح الدين»، تمارس لعبتها غير البريئة وتُدغدغ مشاعرنا باسم الحريات التي لا تنطق بشأنها في محيطها الأقرب وهذا حديث العارفين. والسلام عليكم. * كاتب فلسطيني [email protected]