استيقظ من سباته وبحث عن هاتفه النقال بعينين شبه مغمضتين، قبل أن يزيل آثار النوم من وجهه، بل ربما قبل أن يستفتح بذكر، أو أن يصلي صلاة الصبح. وكل ذلك مخافة أن يفوته خبر، أو حدث، أو أي مستجدات، أو لنسمي الأخير (شيئا)، لأن بعض ما نطالعه لا يندرج تحت أي تصنيف. وبعد أن أنهى جولته اليومية متنقلاً بين أخبار تويتر وقضاياه؛ تافهها ومهمها، وإشاعات الواتساب والتراشق الرياضي، وخصوصيات الآخرين في السناب شات، وكيف قضى أولئك القوم الذين يشبهوننا ليلتهم بعد أن ودعهم قبيل سباته، واختتم جولته بتعريج سريع على الانستقرام والفيسبوك، ثم قرر أن يزيل آثار النوم من وجهه ويفعل ما يفعله كل مستيقظ من نومه في العادة. لم أكتب هذا المقال لأخبركم عن ديدن الحياة اليومي لكل منا، ولكن لأحدثكم عن أولئك الذين يشبهوننا في السناب شات على وجه الخصوص وغيره من وسائل الاتصال الذين تعددت أسباب شهرتهم، وشهرتهم واحدة. النجاح الذين يعرفون يبدو غريباً ليس كما عهدناه، يبدو سهل المنال على عكس ما كنا نظن، أثره سريع والوصول إليه أسرع. ولنلاحظ تدرج شهرة أولئك الذين يشبهوننا ولا يشبهوننا، فالشيء الذي يأتي بسهولة لم يذهب بسهولة كما كنا نحسب، بل بقي واستوطن ولا يبدو أنه سيرحل عما قريب. استمعوا لحديثهم عن النجاح -وصدقني هم يتحدثون عنه كثيراً - هناك امتهان عظيم لمفهوم النجاح. في زمان مضى كان الناجح يظهر وعلى وجهه آثار التعب والإعياء من وعثاء الطريق ومشقة الدرب، تظهر آثار كفاحه في نصائحه، وتظهر خبراته في اختياره لمفرداته، حين يسألونه عن أسباب نجاحه يتوقف لبرهة من الزمن، ليمر شريط ذلك الدرب الطويل المحمل بالعديد من العثرات والإحباط والهزائم الحقيقية والنفسية، وقبل أن يبادر بالإجابة تخرج آه دفينة بغير قصد منه من أعماق الصدر اختزلت جميع تلك الذكريات، ثم يجيبهم ويخبرهم أن يحاولوا ويحاولوا وألا يتوقفوا عن المحاولة حتى لو وصلوا لما يطمحون. أما نجاح اليوم فهو مختلف لا يتطلب موهبة فذة، ولا يتطلب عظيم معرفة، فالكل ناجح حتى لتظن أنه ليس هناك فاشلون، والكل رجال أعمال وسيدات أعمال حتى لتظن أنه لم يعد يشغل الوظائف أحد. عوامل هذا النجاح أخرى مختلفة تماماً هي الصدفة، بل ربما الفرصة، بل ربما تعرف من ذاك المجتمع شخصاً يفتح لك الباب لتعبر للضفة الأخرى. كل ما يحتاجه الموضوع خطوة واحدة صوب المكان المناسب، في الوقت المناسب، وبرفقة الشخص المناسب.