امتاز كتاب «شذرات قراءة في سيكولوجية الفكر والتنمية» أنه وهو نحو مئتي مقال قد رتبه مؤلفه معالي الدكتور الصديق سهيل بن حسن قاضي، على عدة فصول جمع فيها النظير إلى النظير بحيث يجد القارئ شذرات متنوعة عن قضايانا خلال العشرين سنة الماضية. ولا تكاد تخلو صفحة من صفحات الكتاب الأربعمئة من معلومة أو فائدة أو تحليل رشيد لشؤوننا وشجوننا، ومن البداية يضرب أو يطرق الدكتور سهيل جرس التنبيه حول الإسراف في استهلاك المياه، ويشير إلى أننا من أعلى معدلات الاستهلاك للماء في العالم مع أننا نعيش في بلاد معظمها صحراوي، والأمطار فيها قليلة. وبعد 14 مقالاً نجد الدكتور سهيل يعود إلى موضوع استهلاك المياه في المملكة فيقول: إن معدل استهلاك الفرد يومياً من الماء في الرياض 319 لتراً وهو ضعف استهلاك الفرد في لندن وبزيادة 50% عن استهلاك الفرد في طوكيو وضعف استهلاك الفرد في ملبورن باستراليا. وبعد فصلين أو ثلاثة يشدد الدكتور سهيل النكير على الإسراف ليقول: من المعلوم أن معدل استهلاك الفرد من المياه في وطننا يصل إلى 380 لتراً في اليوم مقارنة ب 160 لتراً بين دول العالم وتأتي المنطقة الشرقية في المقدمة حيث يستهلك الفرد 381 لتراً، تليه منطقة الرياض وتبوك ثم مكة والقصيم. جاء ذلك في مقال «وما عام 2020م عنكم ببعيد». ودندن الدكتور سهيل في عدة فصول حول الحج والاستطاعة وإقبال بعض المسلمين على تكرار الحج نافلة بعد أن أدوا الفريضة وحثهم على تسخير ما ينفقونه على حج النافلة في مسارات أخرى من الخير. وقال إن لديه عتبا شديدا على بعض علمائنا ممن ارتكبوا بعض الأخطاء غير المقصودة في تحريم الرجم قبل الزوال ولم يكفوا عن ذلك إلا بعد المئات من ضحايا الدهس والاختناق، يحصل هذا لدين يحث على التيسير وهو الذي عالج العديد من المكاره بما يحقق المنافع، ينسى بعضنا أن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم هو صاحب القول: «افعل ولا حرج» (يسروا ولا تعسروا). ويناقش الدكتور سهيل عن كثب قضايا التوظيف والجامعات والحرمين الشريفين والسياحة في المملكة، كما أن اطلاع الدكتور سهيل على كثير من مدن العالم التي سافر إليها عكس في الكتاب ثقافة واسعة ووضع إصبعه على الجراح. وهو ما سنكمل الحديث عنه غداً إن شاء الله. السطر الأخير: «وجعلنا من الماءِ كلَّ شيء حي» * كاتب سعودي