طالبت دراسة متخصصة نشرت مؤخراً بوقف الدعم الذي تقدمه الحكومة سنوياً لزراعة القمح في السعودية، حيث ان الاستمرار في إنتاج الاستهلاك المحلي من القمح يعني استهلاك حوالي 32٪ من كمية المياه الجوفية العميقة غير المتجددة، في حين تستهلك جميع المحاصيل الاخرى مجتمعة ما يقارب 68٪ أي بما يعادل تسعة ملايين متر مكعب متسائلة في الوقت نفسه حول الجدوى من استهلاك محصول واحد ثلث كمية المياه الجوفية. وقال الدكتور محمد القنيبط رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى في دراسة اعدها حول الواقع المائي في السعودية ان خزانات المياه الاستراتيجية قرب مدينة الرياض العاصمة لا تكفي استهلاك أكثر من ثلاثة ايام بمعدلات الاستهلاك الحالية، أو بين خمسة إلى سبعة أيام على أبعد تقدير، مع ترشيد الأسر والأفراد لاستخدام المياه في فصل الصيف، حيث يزداد استهلاك المياه نتيجة ارتفاع درجة الحرارة إلى حوالي خمس وأربعين درجة مئوية، ومن ثم فإن موضوع خزانات المياه الاستراتيجية ومصالح المياه في مدن السعودية تعتبر مشكلة أمنية أخطر بكثير من مشكلة الأمن الغذائي، حيث ان الغالبية العظمى من المواطنين يملكون في منازلهم مواد غذائية تكفيهم لعدة أسابيع في حين لا يملك غالبيتهم من الماء ما يسد حاجتهم ثلاثة أيام أو أربعة أيام على الأقل. وحذر القنيبط من تكرار أزمة انقطاع المياه التي شهدتها مدينة الرياض العام الماضي عندما انكسر احد الانابيب التي تزود المدينة بالمياه ما ادى إلى توقف الضخ للعاصمة لمدة خمسة أيام وحدوث أزمة مياه خانقة. وأشارت الدراسة إلى أن معدل استهلاك الفرد السعودي من المياه يومياً يصل إلى حوالي 242 لتراً موزعة كالتالي: الشرب والطعام 11 لتراً، أعمال الطبخ 11 لتراً، غسيل الملابس 38 لتراً، الاستحمام 76 لتراً، الحنفيات 11 لتراً، سيفونات الحمامات 95 لتراً ويبلغ معدل استهلاك المياه المنزلية حوالي 300 لتر يومياً، أما كميات المياه المستخدمة للتغذية في السعودية فتبلغ 8 مليارات متر مكعب! في حين تبلغ كمية المياه المستهلكة سنوياً لكافة الاغراض حوالي 22 مليار متر مكعب، وبالتالي فإن كمية العجز في المياه المتجددة تصل إلى حوالي 14 مليار متر مكعب. وبحسب احصاءات وزارة المياه والري فإن كميات المياه السطحية التي يمكن استغلالها في المملكة سنوياً تزيد على 5 مليارا ت متر مكعب، كما أن المخزون الكلي للمياه الجوفية يبلغ (500 مليار متر مكعب). واقترحت الدراسة تقديم اعانة لمزارعي القمح نظير رفع الدعم عنه، وكذلك استيراد حاجات السوق السعودي من القمح، إذ أن سعر القمح العالمي في الوقت الراهن بحدود 450 ريالاً للطن (ما يعادل 55 دولاراً) وتعتبر المملكة أكبر دولة منتجة لمياه التحلية في العالم، حيث بلغ انتاجها العام الماضي حوالي 800 مليون متر مكعب، بما يعادل (2,2 مليون متر مكعب يومياً). واوضحت الدراسة أن المملكة تعاني عجزاً مائياً كبيراً يصل إلى حوالي (11,769 مليون متر مكعب)، وتتم تغطيته من مخزون المياه الجوفية غير القابلة للتجديد، أي تلك التي توجد في أماكن ومناطق بعيدة وعميقة. وأوصت الدراسة بعمل حملات توعوية لترشيد المياه واستهلاكها على الوجه المطلوب وعدم الاسراف.