قبل 4 سنوات تقريباً.. أجرت مجلة الرجل حواراً موسعاً مع صالح التركي بعد أن حقق نجاحات عدة، وصار اسمه مرادفاً للجودة وسرعة الإنجاز، أتذكر أنه تحدث عن أمور كثيرة معقدة تتعلق بقراراته الجريئة، وعن عشقه للعمل التطوعي والاجتماعي الذي جعلهم يسمونه «أبو الأيتام» في جدة.. ودافع بقوة عن دعمه المتواصل للمرأة ورغبته في أن تحصل على كامل حقوقها. الأهم أنه سئل عن عروس البحر الأحمرجدة التي أصبح الآن أمينها ومسيرها التنفيذي، فقال كلاماً مهماً جداً لا بد أن نعيد قراءته في هذا الوقت بالذات.. قال التركي: «الحديث عن جدة ذو شجون، لا شك أنها تشهد طفرة هائلة، لكنّي غير راضٍ البتة عن آلية تقديم الخدمات الفوقية والمرافق الحضرية وطريقتها، فمن لحظة خروجك من باب بيتك تصدمك مشاهد القذارة والفوضى في كل أنحاء المدينة، من حيث المباني التجارية والسكنية والعمارات والفلل التي لا تحمل مضموناً حضارياً أو ثقافياً ولا هوية محددة، ناهيك عن العشوائيات والحواري التي تقام تحت سمع الجميع وبصرهم، وبترخيص أو دون ترخيص، وخدمات المياه والكهرباء والهاتف تعاني من تضارب رهيب، وشوارع تسفلت اليوم ليجري حفرها مرات بعد ذلك، عمارات «كالخوازيق» لا يوجد فيها أي قدر من الذوق وتنتهك خصوصيتك التي نسرف في الحديث عنها إذا اقتحم أحدهم بنظره أهلك في السيارة، ثم ننسى هذه الخصوصية عندما تنتهك مئات العيون خصوصيتك من هذه البنايات وأنت داخل بيتك، لأن هذه المباني ترتفع فوق منزلك». مازلت استعيد كلام صالح التركي، الشخصية الاقتصادية والاجتماعية الاستثنائية، وأذكر لكم ما قاله قبل 4 سنوات بالضبط عبر مجلة الرجل، قال: «للأسف.. رغم المليارات التي تخصّصها الدولة للبنية التحتية، فإن فوضى البنية الفوقية تفسد أي جهد وأموال تنفقها الدولة، أشعر وكأن المقاولين الذين يعملون في جدة لديهم الرغبة في معاقبة سكانها، أقول هذا الكلام وأنا أعلم أن المسؤولين في الأمانة والبلديات وغيرها يواجهون تراكمات وصعوبات ومشكلات سابقة كثيرة، ولكني ككل مواطن جداوي أتمنى أن تصبح جدة منارة للعلم والمعرفة ومركزاً تزدهر فيه الآداب والفنون ومحافظة على هويتها الحضارية والمعمارية الإسلامية المتميّزة. الجانب الاجتماعي والعام». صح لسانك يا أمين جدة، شخصت كل الجروح بكلمات بسيطة وعميقة قبل أن تتولى المسؤولية، وكلنا ثقة أنك بشخصيتك الحازمة وقدراتك الاستثنائية وعقليتك المستنيرة الحكيمة، قادر بمشيئة الله على أن تصلح كل الأعطاب التي أصابت سفينة جدة، بل وتستطيع أن تجعلها ضمن أهم المدن الذكية في العالم وتبحر بها بعيداً.. كما أكدت في أول كلماتك بعد تولي المسؤولية. نستبشر خيراً.. ونهنئ أنفسنا بتوليك زمام الأمور في العروس، ونشعر أننا مقبلون على طفرة حقيقية، فالرجل المناسب في المكان المناسب. [email protected]