كانت السعودية وما زالت وستظل دولة عظمى بمكانتها الدينية والتاريخية والاقتصادية والجغرافية وحزم قيادتها وولاء شعبها، هذا قدرها الذي اختاره الله لها، ولا يمكن لأحد في هذا العالم تغييره أو محاولة تجاهله والقفز عليه للتكسب السياسي وبيع الشعارات سواء بحسن نية أو بسوء نية، كما فعلت خارجية كندا أخيراً عندما تدخلت في ما لا يعنيها بتصريحات خرقاء، مخالفة بذلك المواثيق الدولية التي تحظر على الدول التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وهو ما ارتد عليها سريعاً بصفعة سياسية سعودية عابرة للقارات، تمثلت في استدعاء السفير السعودي من أوتاوا وطرد السفير الكندي من الرياض وإيقاف كافة التعاملات التجارية بين البلدين. لو كانت دولة أخرى غير السعودية من تعرضت للتجاوز الكندي الأخرق الذي يمس صراحة السيادة الوطنية لربما صمتت وتجاهلت الأمر، أو تواصلت سراً مع الكنديين عبر القنوات الدبلوماسية لتوضيح موقفها في محاولة لرأب الصدع، لكن السعودية أكبر من ذلك بكثير وتعي جيداً حجمها الدولي، ومكانتها الاقتصادية، وقبل ذلك كله ترفض رفضا مطلقاً التدخل بأي شكل من الأشكال في استقلالية قضائها، ما دفعها لاتخاذ الخيار الصحيح الذي صدم الكنديين وأشعرهم بتورطهم في حماقة كانوا في غنى عنها. مشكلة الحكومة الكندية، التي تشهد ضغوطاً داخلية وانتقادات متواصلة من شعبها بسبب تخبطاتها في الملفين الاقتصادي والحقوقي، أنها اعتادت على بيع شعارات حقوق الإنسان للخارج وانتهاكها في الداخل، وتؤكد ذلك بيانات المنظمات الحقوقية الدولية تجاه الانتهاكات الكندية لحقوق الإنسان خصوصا في ما يتعلق بالسكان الأصليين. قوى المعارضة الكندية الداخلية النشطة في شبكات التواصل انفجرت غضباً في وجه حكومة جاستن ترودو عقب القرار السعودي، واصفة وزيرة الخارجية الكندية بالثرثارة التي تسببت في خسارة الاقتصاد الكندي مليارات الدولارات، إذ يقول المغرد الكندي Jenny Wood في حسابه في تويتر مستنكراً سلوك حكومته: «كيف تحولنا من دولة رائعة وودودة ومسالمة إلى الصبي الذي لا يريد أحد اللعب معه.. أوه يا كندا»... حساب كندي آخر هو Awaken people كتب غاضبا: «منافسة كندا على الساحة العالمية بدأت تختفي، جاستن ترودو غير كفؤ أبدا.. لا يستطيع إيجاد شركاء للتجارة على الرغم من استخدامه لمليارات الدولارات من نقود دافعي الضرائب التي تذهب أدراج الرياح.. إنه الغبي جاستن». أما المغرد الكندي Alan Becirevic فقد سخر من سياسة حكومته بقوله: «ما يدعو للسخرية حيال هذا الأمر أنك إذا انتقدت (في كندا) رئيس الوزراء ترودو فستُعتبر نازياً وتُساق للسجن، فلماذا يزعمون التضرر من السعودية»، لكن المغردة الكندية Sheila canada وضعت النقاط على الحروف بتغريدة جميلة وفي غاية الوضوح، تبين سبب حماقة خارجية بلادها، إذ قالت باختصار: «يظنون أن هذا سيكسبهم الأصوات، وهذا سبب فعلهم أي شيء، إنهم لا يفكرون في مستقبلنا». * كاتب سعودي