فيما أزاحت مقاطعة الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب لقطر، أقنعة الدوحة، وعرّت علاقة نظامها الحاكم بدعم الإرهاب وخطاب الكراهية، بدا النظام القطري منبوذاً أينما حلّ، لتورطه في دعم الفوضى وتشريد الملايين من سكان المنطقة، حتى إن منظمات حقوقية أرسلت إلى الحكومة البريطانية رسائل تحثها على التركيز على قضية حقوق الإنسان ووقف انتهاك حقوق الإنسان وتمويل الارهاب العالمي، خلال زيارة أمير قطر إلى لندن اليوم (الإثنين). وتصاعدت موجة غضب كبيرة في أوساط المجتمعات العربية والإسلامية بالمملكة المتحدة، ما ينبئ بمظاهرات محتملة منددة بتميم بن حمد. ونشرت الجالية العربية في بريطانيا لافتات تحمل فضيحة الدوحة (الفدية الأكبر في التاريخ) التي عادت إلى السطح أخيراً، وفتحت ملف دعم الميليشيات الإرهابية بنحو مليار دولار وصفقة تهجير المدن الأربع السورية. وأرسلت المنظمة العربية لحقوق الانسان في بريطانيا والمنظمة الأفريقية لثقافة حقوق الإنسان والرابطة الخليجية للحقوق والحريات رسالة أمس الأول (الأحد) إلى وزارة الخارجية البريطانية، حثتها للتركيز على قضية حقوق الإنسان في قطر التي تشمل «انتهاك حقوق العمال، وسحب الجنسية من بعض المواطنين، وعدم المشاركة السياسية للمواطنين القطريين ودعم الإرهاب في المنطقة». وأوضح مدير مكتب جنيف للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا مسعود عيسى، أن الرسالة عرجت على تعرض العديد من المواطنين القطريين والعمال الأجانب للانتهاك من قبل السلطات القطرية، لكن لم يتم إخضاع منتهكي حقوق الإنسان للمساءلة. ولدى بريطانيا تاريخ عميق في دعم الحريات وحقوق الإنسان في العالم؛ لذا من واجب المنظمات الدولية والمحلية حث وزارة الخارجية البريطانية على التركيز على هذه القضية المهمة. انتهاك حقوق العمال وفقاً لمصادر موثوق بها من قطر، فإن 550 عاملاً أجنبياً، معظمهم من الدول الآسيوية، اعتقلتهم قوات الأمن القطرية بعد مطالبتهم بالحقوق الكاملة مثل الرواتب في 21 مايو 2018. وذكرت مصادر موثوقة أن العمال يعانون من ظروف سيئة، مثل التشرد، وعدم توفر المرتبات، وعدم الحصول على الرعاية الصحية والغذاء، وتنفيذ الإصلاحات والوصول إلى العدالة. ومن ثم، فقد قرروا الاحتجاج على عدم تلقيهم كامل مرتباتهم وحقوقهم. ووفقاً لمنظمة حقوق المهاجرين في 14 مايو 2018 - عانى نحو 1200 عامل من شركة HKH للمقاولات من عدم الحصول على حقوقهم الأساسية في قطر، ومنها عدم دفع رواتبهم لأشهر عدة. ووصلت المنظمة إلى أن 1100 من هؤلاء يعملون في مجال النجارين وتركيب الصلب والعمال الميكانيكيين والكهربائيين. واعتبر 100 آخرون من الموظفين، بينهم مهندسون ومديرون في المشاريع وموظفو السلامة والإدارة، يواجهون الآن الترحيل من قطر. وأضافت المنظمات في رسالتها عن معاناة العمال في قطر من ظروف صعبة للغاية، مثل العمل لأكثر من 12 ساعة في اليوم دون الحصول على مرتبات مناسبة، في حين أن العمل لمدة 12 ساعة يشكل انتهاكًا لقوانين العمل الدولية. لذلك، بعد الضغط من المنظمات الدولية على قطر، وافقت على قانون يقيد الموظفين للعمل لمدة أقصاها 10 ساعات في اليوم، لكن القانون لا يزال غير نشط ولا يزال العمال يعملون لأكثر من ذلك يومياً. ووفقاً لمنظمة حقوق المهاجرين، فإن 79% من العاملين في قطر يعملون ساعات زائدة دون الحصول على أيام راحة، وبعض العاملين يعملون باستمرار دون إجازة لمدة تقرب من 4 إلى 5 أشهر. وأبلغت المنظمة أن 25% من العاملين غير قادرين على إبلاغ الشركات عن حالتهم الصحية وسلامتهم. وأفادت منظمة العفو الدولية أن وضع العمال في قطر مأساوي، لا سيما العمال الذين يعملون على بناء ملاعب كأس العالم في قطر 2022. وأضافت المنظمة أن العمال القطريين لا يزالون يتعرضون للإساءة والاستغلال من قبل السلطات القطرية رغم الضغوط الدولية لوقف الإساءات ضدهم. وأشارت المنظمة إلى أن شركات البناء في قطر تتعامل مع العمالة الأجنبية بطريقة مسيئة وتستغل ظروفهم في جميع مشاريع كأس العالم وغيرها من المشاريع في قطر. وعلى سبيل المثال، بسبب صعوبة العمل هناك وانتهاك حقوق العمال، توفي بريطاني يبلغ من العمر 40 عاماً أثناء عمله في بناء الاستاد الرياضي لكأس العالم 2022 في الدوحة. إضافة إلى عدد من العمال الأجانب الذين لقوا حتفهم في قطر خلال السنوات الماضية بسبب صعوبة العمل في بناء الملاعب الرياضية لكأس العالم. المشاركة السياسية يظل الدستور القطري دستوراً عرفياً، لا يعترف بحرية الرأي وحرية الإنسان؛ لذلك يتم قمع أي معارضة سياسية للنظام القطري وسياساته التعسفية في المنطقة، ولا يوجد قانون أساسي في قطر، ولا حرية أحزاب، ولا منظمات مجتمع مدني، ولا منظمات حقوق إنسان تتعامل مع قضايا حقوق العمال. يسمح الدستور القطري لقانون الطوارئ بالتحكم في البلاد. لذلك، يتم قمع أي معارضة سياسية، وأي ناشط قطري يطالب ببعض الحريات في هذه الإمارة الصغيرة. ويتدخل النظام الأميري في قطر في جميع شؤون حياة المواطن، لذا فإن العائلة الحاكمة (أميري) هي التي تقرر النظام، وبالتالي يعاني المواطن من غياب نظام أساسي في البلاد. دعم الإرهاب تدعم قطر الإرهاب في المنطقة، بما في ذلك الإرهاب في العراق وسورية ومصر والبحرين والمملكة العربية السعودية واليمن وليبيا، بهدف زعزعة أمن المنطقة، رغم أن دول المنطقة طلبت مراراً منها وقف تمويل المنظمات الإرهابية. وتسبب الإرهاب في مقتل عدد كبير من المواطنين في المنطقة من خلال العمليات العسكرية والتفجيرات، واحتلال الأراضي وإعدام المعارضين. على سبيل المثال، استطاعت حركة النصرة وداعش، من خلال الدعم المادي من قطر، احتلال مناطق شاسعة من سورية واستخدام النظام الإسلامي الراديكالي لمواجهة المواطنين، فضلاً عن المنظمات الإرهابية التي تستهدف المدنيين والعسكريين في مصر وليبيا. وقطعت دول الخليج الثلاث، (المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة)، إضافة إلى مصر علاقاتها مع قطر في أبريل 2014 بهدف وقف دعم الإرهاب. ومع ذلك، لم توقف قطر سياستها الداعمة للإرهاب في المنطقة، لذلك قطعت الدول الأربع علاقاتها مع قطر مرة أخرى منذ يونيو 2017. مطالبات حقوقية للسلطات القطرية وإزاء كل ذلك قدمت المنظمات الحقوقية الدولية (المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا والمنظمة الأفريقية لثقافة حقوق الإنسان والرابطة الخليجية للحقوق والحريات) عدداً من التوصيات تدين فيه سياسات قطر بانتهاك قضايا حقوق الإنسان ضد العمال ومواطنيها، وتحث الحكومة البريطانية ووزارة الخارجية البريطانية على الضغط على قطر لوقف جميع الانتهاكات. وأنه يجب على السلطات القطرية الاعتذار لجميع العاملين في قطر ووقف انتهاكات حقوقهم. كما يجب عليها وقف سياستها لاعتقال وتعذيب النشطاء السياسيين والثقافيين في قطر، وأن توقف سياسة سحب الجنسية، وإعادة جنسية الأفراد الذين تم سحب جوازات سفرهم منذ عام 1995. وشددت التوصيات على ضرورة السماح بالحريات والحقوق للناشطين السياسيين والثقافيين وحقوق الإنسان، ويجب على قطر قبول وضع قانون دستوري في البلاد. وإنهاء ووقف جميع الدعم للمنظمات الإرهابية في دول المنطقة مثل سورية والعراق ومصر واليمن وليبيا والبحرين والمملكة العربية السعودية. سحب الجنسية وتعذيب النشطاء منذ تولي الأمير حمد بن خليفة السلطة عام 1995، تم سحب جنسية 3 قبائل قطرية بسبب معارضتها لسياسة حمد بن خليفة. وعلى سبيل المثال، تم سحب الجنسية القطرية من قبيلة آل غفران عام 1995 بعد قيام الشيخ حمد بانقلاب على والده في قطر. وفي بداية سبتمبر 2017، قررت السلطات القطرية سحب الجنسية القطرية من شيوخ القبائل المعارضة للنظام القطري، بمن في ذلك شيخ قبيلة آل مرة، الشيخ طالب بن لحام بن شريم، إضافة إلى 50 آخرين من أعضاء أسرة الشيخ. ووفقاً لمنظمات حقوق الإنسان، فقد تم سحب جنسية العشرات من القطريين المعارضين للنظام القطري، بمن فيهم الشعراء والسياسيون، من قبل السلطات القطرية دون أي أسباب. وأضافت المصادر الموثوقة أنه تم سحب جنسية الشيخ الشافي ناصر حمود الهاجري، شيخ قبيلة شمال الحويجر ومجموعة من عائلته، بسبب معارضتهم لسياسة قطر في منطقة الخليج العربي. وأوضحت منظمات حقوق الإنسان أن وضع السجون في قطر لا يتناسب مع ميثاق الأممالمتحدة لحقوق الإنسان والقانون الدولي، وأن السلطات القطرية تعذب بعنف المعارضة في العديد من السجون القطرية. ويعد سجن «بوهامور» أحد أخطر سجون الاحتجاز السياسي في قطر، إذ كشفت المعارضة القطرية عن تعرض معارضي النظام للتعذيب في هذا السجن سيئ السمعة. ونظراً للتعذيب الشديد في السجون القطرية، دعت منظمات حقوق الإنسان المجتمع الدولي للتحقيق في الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان ضد السجناء السياسيين في سجن بوهامور، مثل التعذيب المنهجي وسوء المعاملة واكتظاظ السجون بالمعتقلين. كما تنتهك السلطات القطرية حق السجناء بموجب قانون الطوارئ - وهذا يعني أن عددا من الأشخاص تم اعتقالهم بموجب قانون الطوارئ في البلاد وتعرضوا للتعذيب الشديد في السجون.