في عام 2015، تقلد سلمان بن عبدالعزيز، مهمات الحكم ملكا للمملكة العربية السعودية، لتبدأ مسيرة الإصلاح والتحديث في السعودية وتدشن حقبة التجديد والتنمية، خصوصا بعد إطلاق الرؤية 2030 التي هندسها ولي العهد الأمير الشاب محمد بن سلمان لتكون بمثابة خريطة طريق للسعودية الجديدة، هذه الخريطة التي غيرت معالم المملكة، إذ انتقلت السعودية بعد إطلاقها إلى ورشة عمل للتحديث والإصلاح والبناء والتعمير من خلال إجراء إصلاحات شاملة تضمنت إلغاء وزارات ودمج أخرى في معظم الوزارات المهمة، فضلا عن تعيين قيادات شبابية تمتلك خبرة عالية لتتولى مناصب مهمة، وهو ما يعكس حرص القيادة الرشيدة على الاستفادة من الخبرات الشابة خلال المرحلة الحالية. وأطلق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز منذ استلامه مهمات الحكم المئات من الأوامر والقرارات الملكية التي ساهمت في إعادة هيكلة الدولة وضخ دماء شابة قيادية جديدة لتقود السفينة السعودية بامتياز.. لم يكن فجر يوم السبت (أمس الأول ) فجرا عاديا، إذ شهد هذا الْيَوْم صدور 26 أمرا ملكيا كان من ضمنها إنشاء وزارة باسم وزارة الثقافة، التي نقلت إليها المهمات والمسؤوليات المتعلقة بنشاط الثقافة، وتعديل اسم وزارة الثقافة والإعلام ليكون وزارة الإعلام، وإنشاء هيئة ملكية لمدينة مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة، ليكون لها مجلس إدارة برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء، ويعين أعضاؤه بأمر من رئيس مجلس الوزراء. كما شملت الأوامر، إنشاء مجلس للمحميات الملكية في الديوان الملكي، تحدد المحميات الملكية وتسمى بأمر من رئيس مجلس الوزراء، كما نصت الأوامر الملكية على تعيين رئيس وأعضاء مجلس المحميات الملكية في الديوان الملكي برئاسة ولي العهد. كما تضمنت الأوامر الملكية تعيين الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود وزيرا للثقافة، وتعيين الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل الشيخ وزيراً للشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، وتعيين المهندس أحمد بن سليمان بن عبدالعزيز الراجحي وزيرا للعمل والتنمية الاجتماعية. هذه القرارات الملكية رسمت ملامح المراحل القادمة في السعودية الجديدة. قليلة هي السنوات الثلاث في تاريخ الدول وعمر الشعوب، ولأن لكل قاعدة استثناء وهو ما حصل لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، إذ جاءت إنجازاته منذ الساعات الأولى لتسلمه مقاليد الحكم في بلاده لتبرهن بأن سابع ملوك الدولة السعودية الثالثة نجح في رسم وإعلان دولة جديدة بأنظمة حديثة ومؤسسية، يديرها الجيل الثاني والثالث في منظومة الحكم في السعودية مع الحفاظ على نهج وامتداد الكيان الكبير الذي سار عليه ملوك الدولة، بدءًا بالملك المؤسس عبد العزيز، مرورًا بالملوك: سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله، الذين حققوا نجاحات وحضورا خلال سنوات إدارتهم للبلاد تبعًا للظروف المحلية والإقليمية والدولية. ولقد شعر الملك سلمان بضرورة ضخ دماء شابة وحيوية ومتجددة في الدولة والتي تعبر عن التوجه نحو دولة الشباب، باعتبار أن نسبة كبيرة من المجتمع من شريحة الشباب الذي يرغب في تحقيق أهداف الإصلاح والانطلاق نحو آفاق أرحب في العالم الذي يعيش جملة من التحديات والمملكة ليست في منأى عنها، وضخ تلك الدماء التي انخرطت في تخصصات عملية على رأس العمل، ما يعطي دفعة للعمل الحكومي، وينهي طبيعة إدارة الدولة التقليدية إلى الإدارة الحديثة كجزء من حملة لإصلاح الاقتصاد وخلق وظائف في القطاع الخاص للشباب السعودي في إطار الرؤية 2030، التي تهدف إلى تقليص الاعتماد على عائدات النفط وتثبيت دعائم التنمية والتطوير بما يتلاءم مع متطلبات رؤية المملكة العربية السعودية 2030. إن القرارات الملكية التي صدرت السبت تعد خطوة أخرى ضمن مسارات الإصلاح والتنمية والتجديد التي يقودها خادم الحرمين الشريفين من خلال إجراء إصلاحات شاملة تضمنت إلغاء وزارات ودمج أخرى في معظم الوزارات المهمة، كما تضمنت الأوامر الملكية تعيين أسماء تمتلك خبرة عالية لتتولى مناصب مهمة، وهو ما يعكس حرص القيادة الرشيدة على الاستفادة من الخبرات الشابة خلال المرحلة القادمة. وليس هناك شك في أن المملكة تشهد حاليا أكبر وأوسع عملية إصلاح هيكلي في تاريخها، فهذا الإصلاح الهيكلي المسجل في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز يفوق المتحقق في تاريخ السعودية منذ تأسيسها. إن الأوامر الملكية الصادرة وما سبقها من أوامر وقرارات تصب في مصلحة الوطن والمواطن، بهدف إصلاح هيكل الدولة والتسريع في إجراءاتها وتحرير مؤسساتها من البيروقراطية، فضلا عن دعم نموها وزيادة قوتها وأدائها. وأمام ذلك يجب العمل الجاد وتعزيز مفهوم النجاح عبر بوابة التناغم وتكامل الأدوار، خصوصا أن القيادة الرشيدة لا تكل ولا تهدأ في المتابعة المستمرة والمعالجة الفورية لأي قصور أو ضعف في الأداء، وفي وقت تسجل وتيرة العمل المتعلقة بتأهيل الكفاءات على مستوى النواب والأجهزة الحكومية والدرجات القيادية الأخرى مستويات أعلى.