لم يكن اقتران المدفع برمضان وليد عام أو اثنين، بل أمتد لعقود من الزمان، وكانت التسمية أبلغ دليل على ذلك الارتباط الوثيق «مدفع رمضان»، وكذا علاقة أهالي الوجه بالمدفع التي لم يأنس بها سوى من «فك ريقه» على صوت دويه. يذكر كبار الوجه أسماء غابت عن عالمنا، كانت هي من تقوم بالإشراف وبإطلاق المدفع في رمضان، منهم عباس وحمزة ابنا حامد أبو سالم وسالم صالح الوابصي، عوده ساعد الوابصي، أحمد إسماعيل سنيور ولويفي حمود الجوهري، ثم انتقلت إلى حجي إسماعيل النحاس الذي ظل في عمله هذا مدة 27 عاماً حتى تم الاستغناء كلياً عن ذلك الرمز الرمضاني. ومن ذكريات النحاس تجمع الأطفال حوله قبل غروب الشمس كل يحمل زجاجته المليئة ب«الشربيت» مردداً القوي منهم عبارة «بخ (زَكّي) وإلا أكسر»، معبراً عن وجوب إعطائه شيئاً من هذا المشروب أو يكون الكسر هو مصير زجاجته. لجنة التنمية السياحية بمحافظة الوجه بتوجيه من رئيسها محافظ الوجه المهندس علي بن عبدالرحمن التميمي وبالشراكة مع بلدية المحافظة، أعادت إلى الأذهان ذلك الرمز بإحضاره إلى موقع فعاليات «أهلاً رمضان» بالوجه زمان بنسخته الثانية بجوار قلعة الوجه، إذ تهافت الصغار يصطحبهم الكبار على موقع الاحتفال لالتقاط الصور التذكارية مع شعار ظل لعقود يتشوق الجميع لصوت طلقاته آذنت لهم بتناول الإفطار، ليتحول المكان إلى مسرح يفد إليه الجميع لزيارة القلعة والجلوس على المركاز، متبادلين أطراف الأحاديث، ومستذكرين ذلك التاريخ العريق لمحافظتهم التي دونت المؤلفات القديمة والحديثة اسمها بأخبار مطرزة بالفخر، مثل كتاب «معجم البلدان» لياقوت الحموي، و«أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم» للمقدسي، وحديثاً مثل كتاب «شمال غرب المملكة.. بحوث التاريخ والآثار» للدكتور علي إبراهيم غبان، والفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام للدكتور جواد علي.