يعد البروفيسور محمد حامد الغامدي صديقا للبيئة لدرجة القلق والغيرة عليها والمنافحة عنها بالكتابة مقالة وكتبا، له آراء ترتقي لمرتبة الإستراتيجية، عمل أستاذا جامعيا وعميدا لشؤون الطلاب وكابد معاناة كونه يعيش في الدمام وقلبه وعقله مع عرعرالباحة وآبارها وغيومها، سامرناه لنقف على أبرز محطات ومنجزات سنوات عامرة بالعطاء الخلاق فإلى نص المسامرة: • ماذا عن أول رمضان وأول صيام؟ •• أول رمضان أذكره في حياتي كان في قرية منسية على حافة الزمن، لم أكن أعلم أننا ننتظر الإبحار عبره إلى خارج القرية، صمت رمضان وكنّا في حياة أقرب إلى الصوم. عانيت وبتشجيع من الوالده استطعت الصمود إلى الفطور، كان ذلك أول تحدٍ في حياتي يثمر نجاحا وانتصارا معنويا. انتصاري الأول كان على الجوع. • ما البلد الذي يستهويك الصوم فيه؟ ••البلد الذي يستهويني الصوم فيه هو بلد أهلي وربعي وجماعتي، لكن بالتأكيد منزلي هو البلد الأفخم الذي ارتاح فيه بممارسة طقوس الصوم النبيلة، وهل هناك أفصل من بلدي المملكة العربية السعودية؟ بلدي أفضل بلد يمكن أن أصوم فيه شهر رمضان. • ماذا تفتقد في رمضان؟ •• أفتقد مسجد القرية الذي يعلن فيه التعاون والمحبة واقتسام كسرة الخبزة مع حبات من التمر، أفتقد حياة الرمق الأخير وهي تقربني وكأنها تحفز شخصي للمستقبل، أفتقد تلك المعاناة التي جعلت مني مشروع نجاح عظيم، أفتقد القرية. افتقدت أبي أخيرا، الوريث الشرعي لحصيلة أكثر من ألفي عام من الخبرات المهارية التي جعلته يبحر بي إلى المستقبل من خلال تبنيه تعليمي، ولم يكن في القرية مدرسة، هاجر بي ليبحث لي عن مدرسة، سرقني من حضن أمي، فوجدت نفسي في مدرسة بقيق، حيث كانت انطلاقة تعليمي، هذا أبي الذي افتقده في كل دقيقة. • ما برنامجك الرمضاني؟ •• برنامجي في رمضان الكتابة والتأليف، وهما عملان أتقرب بهما إلى الله. • أين بلغ مشروعك للحفاظ على المياه والعرعر والمدرجات الزراعية والبيئية؟ •• هذا من أعظم الأسئلة التي وردت، ثلاثة محاور: المياه، العرعر، المدرجات الزراعية. جميعها مهددة بالانقراض في منطقة الباحة، في حال استمرت المؤشرات فلن يكون هناك مستقبل لأجيالنا القادمة في منطقة الباحة. رصدت المشكلات وحددت الاحتياجات، ووضعت مشروعا لإنقاذها، مشروعا شبهته بمشروع سُوَر الصين والأهرامات، وقلت بأنه سيكون أعظم مشروع في تاريخ شبه الجزيرة العربية، وضعته في كتابين، الأول: كيف نحول المطر إلى مخزون إستراتيجي؟ «بناء المستحيل»، الثاني بعنوان: إنقاذ المستقبل من العطش. وحتى يتحقق المشروع بنجاح لابد له من رجال يعون ما أتحدث عنه ويستشعرون الخطر القادم. • لك ذكريات إبان عمادتك في التسعينات لشؤون الطلاب في جامعة الملك فيصل حدثني عن أبرزها؟ •• ذكرياتي مع فترة عمادة شؤون الطلاب ذكريات مجيدة، وحتى اليوم ما زال الجميع يتحدث عنها، كان هناك برامج يومية وأسبوعية وشهرية وفصلية. جئت العمادة وهي خاوية من كل شيء، حتى طاولة التنس غير موجودة، أنجزت في سنتين ما لم يتم إنجازه في سنينها السابقة. عندما تتعامل مع الطلاب فأنت تتعامل مع دماء شابة طموحة معطاءة تسعى لإثبات وجودها. وهذا ما حققته بتوظيف هذه القدرات. كنت مربيا لهم قبل أن أكون مسؤولا وهذا ما جعل من الجامعة خلية نحل من النشاط الثقافي المتميز. ولأني كنت في شُعب والمسؤول في شُعب أخرى طلبت بخطاب رسمي عدم التجديد، رغم محاولات ذلك المسؤول في حينه، حيث عرض علي أن أستعين 10 من الوكلاء إذا استدعى الأمر ذلك، المشكلة كانت في التوجهات، كنت أرى الطلاب طاقة يجب توظيفها واستيعاب حماسهم وقدراتهم، تعبت وأتعبت الجامعة. برنامجي الثقافي الذي وضعته لم يتكرر إلى اليوم، أقولها بفخر وتحدٍ، كان العميد مقيدا بلوائح وتعليمات، وكان لابد من رفع قائمة بالمحاضرين لإدارة الجامعة، تخضع هده القائمة لغربلة تستغرق وقتا طويلا، ثم في خطوة أخرى يتم الرفع لوزارة التعليم العالي بالأسماء التي وقع عليها الاختيار للموافقة. في بعض الحالات تنتهي الدراسة والرد لم يصل الجامعة. وللتغلب على هذا الوضع لجأت شخصيا إلى الاختيار من أعضاء هيئة التدريس، لأن هذا لا يحتاج موافقات مسبقة، هناك عمداء بتوجهات شخصية يفرضونها فرضا، من أغرب ما واجهت بعد تكليفي مباشرة بالعمادة، أن أحد وكلائها فرض على عمال المطعم تربية شعر لحاهم، وقد بلغت المخالفات التي سجلها على المتعهد بسبب تصرفاته هذه أكثر من 800 ألف ريال، وعمد أيضا على قفل محل حلاقة يقدم خدمة لطلاب الجامعة بحجة أن حلق اللحية حرام، عرفت هذا عندما استدعيت المتعهد لسؤاله عن عدم تقديم الخدمة وقفل المحل، قدم لي خطاب المسؤول الذي يفيد. بذلك. ولله في خلقه شؤون.