مرحلة جديدة تبدأ في مسيرة الوطن لا تخطئها العين، قفزة جديدة إلى المستقبل لا تقل عن تلك التي نقل بها الملك المؤسس رحمه الله البلاد من مرحلة البداوة والقبلية، إلى حالة الدولة الواحدة المستقرة والعيش الرغيد في إطار أوسع من فهم الدين والحياة ومرونة في معالجة متغيرات الواقع واحترام الحريات دون مساس بثوابت الدين والأخلاق. لكل مرحلة رجالها، هكذا علمنا التاريخ، تستمد فيها الأوطان من طاقاتهم الخلاقة ورؤيتهم الحرة من القيود السلبية والمفاهيم الخاطئة، تلك المفاهيم التي طالما تم النظر إليها على أنها حقائق مسلم بها، فالحياة تتجدد دائماً والدين في جوهره رسالة توحيد ووسطية وتقبل للآخر كما هو معرفة وحضارة وتسامح. تبلورت الطاقة والقوة الدافعة مع مميزات أخرى في أمير شاب فرض نفسه بجدية رؤيته وقوة شخصيته وجرأته في زمن بدأ فيه القادة الشباب في تولى زمام الأمور في الدول العظمى، في ظل تسارع وتيرة الحياة والسيطرة الكاملة للتطور التكنولوجي على مناحي الحياة بشكل يمثل نهضة حقيقية لا يستطيع استيعابها إلا الأجيال التي تبتدعها وتتعايش معها وتستخدمها، فلننظر إلى عمر رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون إنه في أوائل الأربعينات وعمر رئيس الوزراء الكندي جستن ترودو في نهاية الثلاثينات وغيرهما من وزراء وزعماء الدول المتقدمة. إن النظر إلى ملامح الأمير الشاب تبعث الإحساس بالثقة؛ فهو جريء في غير تهور، ثاقب الرؤية في غير غرور، واثق في غير تكبر، وهذه الصفات هي مصدر الطاقة الإيجابية التي يبثها سموه في الشعب السعودي وفي كل مكان أينما حل وارتحل. تحديات كثيرة وكبيرة تصدى لها الأمير الشاب في مرحلة دقيقة من عمر المملكة، وبرهن على أنه يتمتع بكل مقومات القائد ورجل الدولة، طيف واسع من الصراعات من الوزن الثقيل المحيطة بالمملكة، استطاع أن يخرج منها أكثر جرأة وثقة بشكل يثير الإعجاب. في الداخل لم تتوقف محاربة الفساد عند بعض الموظفين، بل امتدت إلى مسؤولين كبار كان الناس يظنون أنهم فوق المحاسبة تلك المفاجأة لاقت استحسان ورضا الشعب السعودي، وأرسلت رسالة إلى القوى الكبرى في الخارج أن اليد التي أمسكت بمقاليد الحكم هي يد قوية ومصممة على تمهيد الأرض لبذرة الإصلاح الاقتصادي المستدام وتخليصها من الفساد والمحسوبية أينما كانت. في المحيط العربي كانت شجاعة كبيرة مقاطعة قطر بقيادتها المارقة حتى تقزمت وعادت إلى حجمها مع أول خطوة اتخذتها ضدها المملكة حتى أصبحت أقصى ما تستطيعه أن تنقل لاعب كرة قدم من ناد أوروبي إلى آخر، أو تستقطب مذيعاً يجيد التحدث باللغة العربية من عالم الارتزاق الإعلامي ليحاضرنا بكل صلف عن الدين والعروبة وتحرير القدس من الدوحةالمحتلة من عدة جيوش أجنبية، يأتي نداء الحرية المزعومة عبر إعلام خبيث مأجور دشنته قطر ومولته بالمال والكوادر خيانة للمملكة وأشقائها. نشاط داخلي وخارجي مكثف في زمن محدود يقدر قيمة الوقت في اللحاق بركب التطور لم يكن ليتم إلا بقوة وحماسة الشباب التي يتمتع بها سموه حفظه الله فالمستقبل يبدأ الآن.