تشكل القمة المرتقبة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترمب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون منعطفا تاريخيا في العلاقات بين البلاد وتأتي بعد حرب كلامية حادة بين الرجلين المتقلبين على مدى اشهر مع تبادلهما التهديدات والإهانات. في ما يلي بعض التطورات الدبلوماسية التي نقلت الخطاب الحربي إلى قمة بين ترمب وكيم في 12 يونيو في سنغافورة. ففي 2 يناير 2017 وقبل أسابيع على توليه منصبه، وعد الرئيس الأمريكي المنتخب بان كوريا الشمالية لن يسمح لها بتطوير سلاح نووي قادر على بلوغ الأراضي الأمريكية. وفي مستهل رئاسته وجه ترمب رسائل متفاوتة، ففي تصريحات منفصلة في أبريل 2017 وصف كيم على انه "رجل مجنون يملك السلاح النووي" واستهزأ بوزنه الزائد وكيفية وصوله إلى الحكم في سن مبكرة. وفي 1 مايو فاجأ المراقبين عبر الإعلان انه "سيتشرف" ويرغب في لقاء الزعيم الكوري الشمالي في الظروف المناسبة. وبعد ستة اشهر من رئاسة ترمب في يوليو 2017، اجرى كيم تجربتين لصاروخين بالستيين عابرين للقارات واعلن أن الولاياتالمتحدة في مرمى الصواريخ الكورية الشمالية. وفي الشهر التالي هدد ترمب "بالنار والغضب" اذا واصلت بيونغ يانغ تهديد أمريكا ما اطلقت تصعيدا لمدة اشهر. وبعد أسابيع اطلقت بيونغ يانغ صاروخا بالستيا فوق اليابان وفي 3 سبتمبر أجرت تجربتها النووية السادسة مؤكدة أنها قنبلة هيدروجينية يمكن تزويد صاروخ بها. وحذر الرئيس الأمريكي من أن "الحوار" ليس الحل للازمة مع بيونغ يانغ رغم أن إدارته لم تستبعد حلا دبلوماسيا. وفي 21 سبتمبر 2017 كشفت واشنطن عن سلسلة عقوبات مشددة لوقف برنامج كوريا الشمالية النووي والبالستي. وجاء الإعلان بعد خطاب ترمب الأول أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي اطلق فيه على كيم تسمية "رجل الصاروخ" الذي يقوم ب"مهمة انتحارية" محذرا من أن الولاياتالمتحدة "لن يكون لديها خيار سوى تدمير كوريا الشمالية بالكامل" اذا تعرضت للتهديد. ردا على ذلك، وفي خطابه السنوي بمناسبة السنة الجديدة، حذر كيم بأن لديه "زرا نوويا" على طاولته، لكن خفف من وطأة تصريحاته معربا عن اهتمامه بإجراء حوار. وخرج ترمب على وسيلته المفضلة "تويتر" ليرد "لقد صرح زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون بأن لديه زرا نوويا على طاولته في جميع الأوقات. هل يمكن أن يبلغه شخص من نظامه المتهالك والجائع بأن لدي أنا أيضا زر نووي، ولكنه أكبر وأقوى كما أن زري يعمل". وقالت صحيفة الحزب الرسمي لكوريا الشمالية ان "تبجح" ترمب ليس إلا "كلام شخص مجنون" يخاف من قوة كوريا الشمالية، وكذلك "نباح كلب مريض". و بعد سنوات من التوتر، أتاحت استضافة كوريا الجنوبية للألعاب الأولمبية الشتوية في فبراير 2018 تقاربا بين الكوريتين لفتح اتصالات ما أشاع أجواء تهدئة في شبه الجزيرة الكورية. وفيما سار وفدا البلدين معا في حفل الافتتاح صافح الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي-ان في خطوة تاريخية شقيقة الزعيم الكوري الشمالي كيم يو جونغ كما أن ابنة ترمب ايفانكا حضرت الحفل إلى جانب كبار المسؤولين من الطرفين. وأوضحت واشنطن أنها ستبقي الضغط رغم مؤشرات التقارب في شبه الجزيرة الكورية، وفرضت في 23 فبراير 2018 اكبر سلسلة عقوبات في خطوة وصفها النظام بانها "عمل حرب". لكن في إعلان لافت من البيت الأبيض في 8 مارس قال مسؤول كوري جنوبي ان كيم "سيمتنع عن أي تجارب إضافية نووية أو صاروخية" وانه دعا ترمب إلى لقائه وان ترمب قبل الدعوة. ومهدت الألعاب الأولمبية الطريق أيضا أمام قمة تاريخية بين الكوريتين في 27 أبريل وعدت خلالها سيول وبيونغ يانغ بالعمل على نزع الأسلحة النووية من شبه الجزيرة والحفاظ على سلام دائم. وفي عطلة عيد الفصح قام مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي ايه) ووزير الخارجية المعين مايك بومبيو بزيارة سرية إلى بيونغ يانغ حيث التقى كيم وبدأ التمهيد للقمة التاريخية. وبعد شهر قام بومبيو بزيارة ثانية غير معلنة بهدف وضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل القمة واصطحب معه ثلاثة أمريكيين كانوا معتقلين لدى بيونغ يانغ. في 9 مايو اعلن ترمب أن الأمريكيين الثلاثة وصلوا إلى الولاياتالمتحدة واستقبلهم شخصا في واشنطن، موجها الشكر لكيم ومحققا انتصارا دبلوماسيا. في الصباح التالي في 10 مايو وبعد أسابيع من التكهنات، كشف ترمب عن موعد ومكان القمة المرتقبة مع الزعيم الكوري الشمالي واعدا بانه "سيجعلها لحظة خاصة جدا للسلام العالمي".