قرأت مقالة ستيفن غروف في مجلة أهلا وسهلا (مايو 2018) بعنوان «لمقاومة الكائنات الآلية استثمروا في البشر» وأحسب أن دعوته هذه صحيحة وتستحق النظر فيها وتأملها، فقد حبا الله الإنسان عقله الذي يتميز به عن سائر المخلوقات، فبالعقل يدرك ويفهم ويتعلم، وبه يميز بين المتضادات ويرتب الأولويات ويختار من المترادفات وبواسطته يقوم بالتصرف ويمتنع ويتكلم ويسكت، كل ذلك بأمر من العقل. تتسارع عجلة التنمية وتتلاحق المتغيرات وتتفجر المعلومات ويتسع نطاق البيانات وتتكالب الاختراعات، ومنها الروبوتات وظهر ما يعرف بالأتمتة وكل ذلك يصب في دائرة رفاهية الإنسان التي قد يكون من نتائجها، عندما لا نتنبّه الاستغناء شيئاً فشيئاً عن الكائن البشري. إن إحالة الكثير من بني الإنسان إلى كائنات خاملة، وأناس عاطلين تؤرق الكثير ممن ينظرون للآلة على أنها آخذة في احتلال أدوار البشر وإقصائهم يوماً بعد آخر. لكن من الذي جاء بها ومن اخترعها، بمراحلها التي مرت بها وصولاً للروبوتات وإنترنت الأشياء وما يعقبها، أليس الإنسان، أليست من صنع البشر هل بدأ الناس يخربون بيوتهم بأيديهم هل يخترعون ما يودي بوجودهم أليس فيهم رجل رشيد. كل شيء له فائدة، ومنه ضرر، والتحدي ألا يطغى الضرر على الفائدة، بل نأتي بالجديد الذي يبني ويضيف ولا يعيق أو يخيف. إن الإنسان بعناصر بنائه التي خلقه الله بها تجعله قابلاً للتفوق على ما سواه من مخلوقات ومخترعات، ولكن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، الكائنات البديلة للإنسان قد تقوم ببعض أعماله، ولكن عليه أن يعيد بناء قدراته وتطوير مهاراته لينتقل في مرحلة أعلى أو في مجال جديد لم تظهر فيه الآلة بديلاً عن الإنسان ولاتزال فرص التميز والتطور تظهر في كل حين فأين المستثمرون في الإنسان.. إذا غامرت في شرف مروم فلا تقنع بما دون النجوم تعلم فليس المرء يولد عالما وليس أخو علم كمن هو جاهل لابد من التحول نحو العلوم التطبيقية وإعطاء التدريب والتعليم المستمر وحلقات النقاش ومعامل إنتاج المعرفة واكتشاف المعرفة الضمنية المساحة الأكبر في اهتمام مؤسسات التعليم والتدريب.. وكذلك إدارات التطوير في كافة بيئات العمل وعندها ستبقى الحاجة للبشر وسيبقى الإنسان قيد العمل.