قبل أيام نشرت «عكاظ» مقتطفات من حديث وزير الاقتصاد والتخطيط لرئيس وأعضاء مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الرياض حول التوطين، حيث واجههم ومعهم المجتمع بحقيقة أن التطبيق الكلي بنسبة 100% للتوطين ليس صحيحا، مؤكدا على ضرورة تصحيح سوق العمل على مراحل وتقييم كل مرحلة، وأشار الوزير الذي احترمت شفافيته، إلى «أهمية معالجة أوضاع التستر بشكل إستراتيجي لما لذلك من تأثيرات اقتصادية واجتماعية وأمنية في ضوء وصول اقتصاد الظل إلى نحو 20% مما يستوجب التصحيح». وحقيقة فإن الوزير قد أصاب كبد الحقيقة هذه المرة، وكان قد أخطأها في ما أظن عندما قال في برنامج تلفزيوني قبل حوالى عامين وكان وقتها نائبا للوزير بأن سياسة التقشف ضرورة وبدونها فإن الدولة ستفلس خلال ثلاثة أعوام، هذه المرة قال الوزير حقيقة أعتقد جازما بأنها مسؤولية تتحملها الدولة ممثلة في كل الوزراء المعنيين ومنهم معاليه، حيث لم يذكر لنا في اجتماعه بغرفة الرياض، ومن وجهة نظر التخطيط، ما هو الحل المفروض اتباعه لرفع نسبة التوطين والقضاء على اقتصاد الظل الذي لابد من تصحيحه؛ لأنه كارثة يقف خلفها ضعاف النفوس والكسالى من المتسترين على من لا يفيدون إلا أنفسهم من جنسيات بعضها يكاد يسيطر على اقتصاديات السوق الاستهلاكية، ويظل ذلك البعض صامدا وصلبا أمام كل التصريحات والحملات والتهديدات التي تشنها الوزارات المعنية. ويكفي زيارة واحدة لحلقة الخضار وللحراج وللبقالات ومحلات التجزئة الرخيصة «أبو خمس ريال» والمنتشرة في الأسواق شبه الشعبية للتحقق من قولي هذا، صحيح أن التطبيق الكلي وبنسبة 100% للتوطين غير ممكن؛ لأنه ومهما بلغنا من القدرة والكفاءة كمجتمع لن نستطيع تغطية كل المهن، لكننا نستطيع توطين عمال حلقة الخضار واستبعاد أولئك الذين يلبسون «يونيفورم» العمالة احتيالا وهم المالكون الحقيقيون للبسطات وبقوا كذلك ليس مقاومة منهم للتوطين ولكن لأن المواطن نفسه أعطاهم ذلك الحق وأخذ يعمل أجيرا لديهم بدراهم معدودة يأخذها مقابل لبسه للثوب ووقوفه في واجهة «البسطة» محتالا هو الآخر على المراقبين وهو لا يعرف سعر حزمة البقدونس كما يعرفها صاحب البسطة «الأجنبي» الذي عرف ويعرف وسيعرف من أين وكيف ومتى تؤكل الكتف. البطالة وصلت نسبتها حسب آخر الإحصائيات الرسمية إلى 12.8%، حيث يبحث أكثر من مليون سعودي من الجامعيين عن عمل، وسيزيد هذا العدد مع نهاية كل عام جامعي، البطالة قضية لابد وأن تشغل كل مرافق الدولة ووزاراتها كل فيما يخصه، كما أنها تحتاج إلى وقفة حازمة وحاسمة من جهات المتابعة والمراقبة لأعمال الوزارات المختلفة، وخصوصا العمل والخدمة المدنية والتجارة والصناعة ومحاسبتها عما فعلت، وما قامت به من عمل لتنفيذ تعليمات وقرارات الدولة في هذا الجانب المهم في حياة المواطن ومستقبله.